في الميم، إنهم مبعوثون، الذي أطعمهم من جوع، فهذا إدغام شفوي تدغم فيه
الميم الأولى وهي الساكنة في الميم الثانية وهي المحركة سواء كان هذا
في كلمتين كما هنا أو كان في كلمة واحدة، فكل ذلك إدغام شفوي، والحكم
الثاني هو الإخفاء وهو أيضا عند حرف واحد وهو حرف الباء، فالباء والميم
سبق تقاربهما فهما من مخرج واحد، بين الشفتين، فلذلك إذا نطق بالميم
ساكنة قبل الباء فإنها تخفى، ومعنى الإخفاء ذهاب الحرف وبقاء صفته، هذا
تعريف الإخفاء لو سئلت عن الإخفاء ما هو؟ فالجواب ما هو؟ ذهاب الحرف
وبقاء صفته، فالميم صفتها ما هي؟ الغنة فتحذف الميم وتبقى غنتها عند
الباء، فتقول: ﴿ترميهم بحجارة من سجيل﴾، تَرْمِيهِمْ بـ، فالميم ذهبت
فلم تنطق بها، فلذلك عند النطق بالغنة أخرجت الغنة من الخيشوم ولم تفتح
الشفتين، فتقول: ترميهم بـ، فالميم لم يخرج في وقت النطق بمكانها لم
يخرج هواء من الفم أصلا، فدل هذا على أن الحرف قد ذهب وصفتها قد خرجت
من الخيشوم وهي الغنة، وهكذا إن ربهم بهم، ربهم بهم، فالميم ذهبت وبقيت
صفتها من الغنة فخرجت من الخيشوم هذا هو الإخفاء، ولا بد من التنبه إلى
أن بعض الناس في هذا الإخفاء يبالغ أيضا في الغنة فيجعلها بمثابة
حركتين ويجعل هذا من باب الادغام وليس الحال كذلك، فمن قال مثلا:
ترميهم بحجارة قد لحن لحنا خفيا، فلا بد أن تكون الغنة بمقدار حركة
واحدة لأنها غنة لحرف واحد، الباء ليس حرفا أغن، فالغنة إذن في الإخفاء
بمثابة حركة واحدة، والغنة في الادغام بمثابة حركتين لأن الإدغام فيه
حرفان كلاهما أغن، والإخفاء حرف واحد أغن والباء ليست حرفا أغن، فلذلك
قال: وأخفين الميم إن تسكن لدى باء على المختار من أهل الأدا هذا هو
المختار لدى أهل الأداء، وهو مذهب أبي عَمْرٍو الداني وأبي داود سليمان
بن نجيح، وهو اختيار بن الجزري، كما اختاره هنا وصرح بذلك، وهو يشير