إلى القول الآخر وهو مقابل المختار وهو مذهب الإمام مكي بن أبي طالب
وهو أنها تظهر قبل الباء كبقية الحروف، فمكي بن أبي طالب يقرأ ﴿ترميهمْ
بِحجارة من سجيل﴾
ويقرأ ﴿إن ربهمْ بِهم﴾ بالإظهار، فيظهرها قبل الباء
كبقية الحروف، فتذكروا أن الإخفاء هو المختار لدى أهل الأداء وهو مذهب
الداني وهو اختيار ابن الجزري، وأن الإظهار قبل الباء هو مذهب مكي بن
أبي طالب، قال بعد هذا: وأظهرنها عند باقي الأحرف الحكم الثالث هو
الإظهار وهو عند بقية الحروف، والواقع أنه أسقط حرفا آخر وهو الألف
اللينة فلا يمكن أن تظهر عندها أصلا لأنها لا يمكن أن تلتقي بها فالألف
لا تكون إلا ساكنة والميم إذا سكنت لا يمكن أن تجتمع مع ساكن لأنه لا
يلتقي ساكنان في محض الوصل، فلذلك لا تلتقي الميم الساكنة بالألف أصلا،
فهذا غير موجود في لغة العرب ولا في أية لغة أخرى، لا يمكن أن تلتقي
الميم ساكنة بالألف لأن الألف ساكنة دائما، فباقي الحروف هو ستة وعشرون
حرفا بإسقاط الألف والباء والميم، إذا أسقطنا ثلاثة أحرف من تسعة
وعشرين فقد بقي لدينا ستة وعشرون، وهذه هي بقية الحروف فتظهر عندها،
﴿الحمْدُ لله﴾، لا يمكن أن تقول: الحمدُّ فهذا بمثابة الادغام وهو غير
صحيح أمام الدال، وهكذا في بقيتها، فالميم تظهر أمام جميع الحروف ما
عدا الباء على خلاف وما عدا الميم التي تدغم أمامها فالميم تدغم أمامها
فتدخل فيها بالتشديد مع الغنة، والباء المختار فيها أنها تذهب هي وتبقى
غنتها مكانها، والألف لا تلتقي معها أصلا، فبقي ستة وعشرون حرفا تظهر
الميم الساكنة أمامها، هذه هي أحكام الميم، بقي تنبيه لا بد منه وهو
قوله: واحذر لدى واو وفا أن تختفي قد سبق أن الميم والباء بينهما
تقارب وتناسب لخروجهما من بين الشفتين كذلك الواو فهي تخرج من هذا
المخرج فهي شفوية أيضا، والفاء قد سبق أنها تخرج من باطن الشفة فهي
قريبة أيضا من هذا المخرج، فلذلك لا بد من التنبيه على النطق بالميم


الصفحة التالية
Icon