إلا رءوس الآي، إلا رءوس الآي معناه إلا إذا كان الوقف على رأس آية
فيجوز الوقف والابتداء، وإذا كان على غير رأس آية فيجوز الوقف ولا يجوز
الابتداء بل لا بد من الرجوع، وهنا قوله: فامنعن النون التي فيها هي
نون التوكيد الخفيفة ولا تكون قافية في الشعر، وهذا عيب من عيوب
القوافي أن يجعلها قافية للبيت، إلا رءوس الآي جوز فالحسن وهذا البيت
فيه تداخل، وهو واضح لكم، قد فهمتم التداخل في البيتين، في قوله:
وهي لما تم فإن لم يوجد** تعلق أو كان معنى فابتدي
فالتام فالكافي ولفظا فامنعن** إلا رءوس الآي جوز فالحسن
هذا التداخل نظير قول الفرزدق:
وما مثله في الناس إلا مُمَلَّكًا** أبو أمه حي أبوه يقاربه
وما مثله في الناس إلا مملكا أي إلا ملكا، أبو أمه أبوه أي هو خاله
فالملك ابن أخته هو، قال: وما مثله في الناس إلا مملكا أبو أمه حي أبوه
يقاربه، أي ما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملكا أبو أمه أي أبو أم
ذلك الملك المملك أبوه فهو خاله، وهو يمدح خال هشام بن عبد الملك، وغير
ما تم قبيح إذا لم تتم أركان الجملة بأن كان الوقف بين المبتدإ والخبر
أو بين الفعل والفاعل أو بين المضاف والمضاف إليه أو نحو ذلك فهذا
الوقف قبيح، التداخل في القرآن يقع في الضمائر كقوله تعالى: ﴿إنا
أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه
وتسبحوه بكرة وأصيلا﴾ تعزروه وتوقروه الضمير للنبي r، وتسبحوه الضمير
لله عز وجل، وقد يقع في اعتبار اللفظ واعتبار المعنى كقوله تعالى في
سورة الطلاق: ﴿ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا نكفر عنه سيئاته وندخله جنات
تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا﴾ لأنه
قال: من يؤمن بالله ويعمل صالحا بالإفراد نكفر عنه سيئاته بالإفراد،
وندخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين بالجمع، نعم ندخله جنات تجري
من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له بالإفراد أيضا،