فهذا اعتبار اللفظ ثم اعتبار المعنى ثم اعتبار اللفظ أيضا، من تشمل
الجمع والمفرد فيجوز اعتبار لفظها ويجوز اعتبار معناها، فاعتبر أولا
لفظها ثم اعتبر معناها ثم اعتبر لفظها بعد ذلك، فهذا النوع هو من
التداخل الموجود في القرآن وهو قليل، وهو معجز لأنه لا يشعر الإنسان
فيه بأي تعارض ولا أي إشكال، فإن لم يوجد تعلق فالتام، أو كان معنى
فالكافي فابتدي حينئذ ابتدئ، ثم بعد ذلك قال: ولفظا أي إن وجد التعلق
لفظا جوز الوقف فالحسن فهو الحسن حينئذ، وامنعن الابتداء إلا رءوس
الآي، إلا رءوس الآي مثل الرحمن الرحيم فيجوز أن تبتدئ بها، ملك يوم
الدين يجوز أن تبتدئ بها، وهي رأس آية ولو كان ذلك بين المبتدإ والخبر،
وهنا لا بد من التنبيه إلى أن الفرق بين المكي والمدني في الآي أن
المكي آياته قصيرة وفواصله متقاربة فلذلك يقع الوقف فيه بين ركني
الجملة وبين النعوت ومنعوتاتها، والفاتحة حصل فيها هذا وهي مما تكرر
نزوله فهي من المكي ومن المدني، المدني عشرون سورة متفق عليها والمكي
اثنتان وثمانون سورة متفق عليها واثنتى عشرة سورة محل خلاف وهي مما
تكرر نزوله على الراجح، وهنا مثلا قول الله تعالى: ﴿عبس وتولى أن جاءه
الأعمى﴾
عبس وتولى هذا وقف لأنه رأس آية، أن جاءه الأعمى لا يمكن
الابتداء بها لأن هذا السبب معناه لأجل أن جاءه الأعمى، فهي مفعول
لأجله، ﴿وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى أما من استغنى﴾ هذا
مبتدأ وقد وقفت عليه، ثم تقول: فأنت له تصدى وهذا خبر ويجوز الابتداء
به، وهذا أيضا من الإعجاز في القرآن، فهذا في المكي يقع الوقف الحسن
كثيرا، بالنسبة لِ﴿وما يدريك﴾ على الجواز إذا كان ﴿لعله يزكى﴾ لا تتعلق
بها، فهي من ناحية التفسير قابلة للوجهين، ولذلك فالإنسان في إدراكه
للمعاني يمكن أن يفهم المواضع التي يختار هو الوقف فيها، فهذه الأوقاف
التي ذكر هو وهي ثلاثة التام والكافي والحسن لبعض أهل التجويد تقسيمات


الصفحة التالية
Icon