علمه الله الكتاب تعليما من عند الله مباشرة، مثل ما نطق في المهد كذلك
تعلم الكتابة في المهد، ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل لأنه
لا يقصد قطعا الكتاب المنزل لأن الكتاب المنزل الذي يعرفه عيسى هو
التوراة والإنجيل وقد ذكرا، يعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل.
فهذا النوع هو من هذا الوقف المزدوج، وكلذلك لكل إنسان الاختيار في
الفهم فيما يترجح لديه إذا ترجح لدى الإنسان أحد التفسيرين وقف على
أساسه ونظير هذا أيضا استحسان الوقف لدى بعض أهل التفسير في قوله
تعالى: ﴿وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا﴾ ثم يستأنف فيقول: إلا
إبليس، فإن الملائكة سجدوا والفاء تقتضي الترتيب والتعقيب فبادر
الملائكة إلى السجود، فلو قلت: ﴿وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم﴾، ووقفت
ثم قلت ﴿فسجدوا﴾ لكان هذا تشويشا في اللفظ، ولذلك قل: ﴿وإذ قلنا
للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا﴾
، فيجوز أن تقف هنا فتقول ﴿إلا إبليس﴾ لأن
الاستثناء هنا منقطع، كما يجوز أيضا الوصل، فتقول: ﴿وإذ قلنا للملائكة
اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر﴾
. وغير ما تم قبيح إذا كان
الكلام غير تام فهو قبيح، ومحل ذلك إن لم يكن رأس آية فإن كان رأس آية
فلا قبح كما ذكرنا في سورة عبس، فالتعلق موجود وأركان الجملة بقي
بعضها، ﴿وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى﴾، ﴿أما من استغنى
فأنت له تصدى﴾
، فهذا الوقف هنا ليس قبيحا وإن كان الكلام لم يتم بعد،
وغير ما تم قبيح، وله يوقف مضطرا، أي يوقف له أي عنده واللام للانتهاء
أيضا مضطرا أي في حال الاضطرار، وهي حال من نائب يوقف، لأن يوقف فعل
مسند للنائب، ومضطرا حال من الضمير الذي فيها، له أي للقبيح يوقف مضطرا
ويبدا قبله لكن لا يحل الابتداء بما بعده بل لا بد من الرجوع، وهذا
الرجوع مختلف فيه فقيل لا بد أن يكون إلى أول الكلام، أو أول الآية،
وقيل: تكفي فيه كلمة واحدة، مثلا إذا وقفت على ﴿الحمد لله﴾، وعطست، أنت


الصفحة التالية
Icon