وكان الأفضل أن يقول باب الوقوف فقط، دون ذكر المعرفة لأن المعرفة هي
الخبرة التي تحصل أنت عليها وهذه لا يبوب لها إنما يبوب لعلم الوقوف
وفرق بين المعرفة والعلم، فالعلم هو الجانب النظري وهو يقتضي إدراك
الجزئيات والمعرفة في الغالب هي الجانب التطبيقي وهي تتعلق بالكليات،
ولهذا تقول: عرفت فلانا ولا تقول: علمت فلانا، لأن قولك عرفته معناه
عرفت وجهه واسمه ونسبه، لكن لا تعلم متى يموت ولا تعلم قدر رزقه ولا هل
هو شقي أو سعيد فذلك من العلم ليس من المعرفة، فالمعرفة إذن تتعلق
بالكليات والعلم يتعلق بالجزئيات، فكان اللازم أن يقول: باب الوقوف،
والوقوف جمع وقف والوقف كما ذكرنا مصدر، والمصدر في الأصل يدل على ما
في علم الله من الماهية فلا يحتاج إلى جمعه ولكن نظرا لتعدد أنواعه
احتيج إلى جمعه بيانا للتنوع، فالوقف أنواع وهي أربعة لدى أهل التجويد
القسم الأول يسمونه بالوقف الاختياري وهو ما يقف عليه الإنسان مختارا
غير مضطر، ويحسن ذلك إذا احتيج إليه في تبصير المعنى وبيانه، وهو من
تمام التفسير ومن تمام إدراك الإنسان لما يقول، فالإنسان مضطر دائما
لقطع الصوت وأحسن ما يكون قطعه عند المكان المناسب للقطع كأن يكون
المعنى قد كمل بالكلية فهذا وقف اختياري، وهذا الوقف الاختياري هو الذي
عقد له هذا الباب وذكر أقسامه فيه، والنوع الثاني هو الوقف الاضطراري
وهو وقف الإنسان مضطرا للعطاس أو لانقطاع التنفس لأننا ذكرنا أن الهواء
المنطلق من الرئة يضغط عليه الإنسان في مكان فيتكون حرف كما سبق فإذا
انتهى هذا الهواء انتهى مخزون الرئة من الهواء احتاج الإنسان إلى إدخال
هواء جديد وحينئذ لا بد أن يتوقف الضغط على الهواء لأن الهواء نفد
فيأتي هواء جديد تمتلئ منه الرئة ثم بعد ذلك يخرجه فتبدأ العملية من
جديد، وهذا الوقف حينئذ يضطر له الإنسان لذلك سمي بالوقف الاضطراري
لأنه مضطر لقطع الكلام حتى يدخل الهواء من جديد إلى الرئة، وهو الوقف


الصفحة التالية
Icon