اسجدوا معناه ألا يا قوم اسجدوا، فألا للافتتاح والتحضيض، يا حرف نداء
والمنادى محذوف، اسجدوا فعل أمر، وليس في الجملة فعل مضارع كما في
قراءة الجمهور بل الفعل فعل أمر في قراءة الكسائي، ألا يا اسجدوا
فيمتحن القارئ بالوقف على كل كلمة، ولو كان ذلك مخالفا لرسم المصحف لأن
هذا الوقف وقف اختباري لا علاقة له برسم المصحف، فالوقف الاختياري
والاضطراري هما المتعلقان بالرسم، ومثلهما أيضا الوقف الانتظاري الذي
سيأتي، والقسم الرابع هو الوقف الانتظاري وهو وقف القارئ عندما يجمع
القراءت على الشيخ في ختمة واحدة، فيقف على الكلمة التي اختلفت فيها
القراءات حتى يأتي بها يقرؤها في كل مرة على وجه من الوجوه، وبذلك يقف
في غير موقف وإنما يقف بالانتظار بقصد الانتظار فقط، فإذا قرأ مثلا
سورة الفاتحة يقول: ﴿بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين﴾
وإذا كان يقرأ مثلا بالشواذ سيقرأ بقراءة الحسن البصري ﴿الحمدِ لله رب
العالمين﴾
ثم يقول: الرحمن الرحيم ثم يعود فيقول: الرحمن الرحيم مّلك
يوم الدين برواية السوسي عن أبي عمرو، ثم يعود فيقول مالك يوم الدين،
وهكذا فيقف على كل كلمة اختلفت فيها القراءات حتى يأتي بها على الوجوه
كلها، فهذا النوع يسمى وقفا انتظاريا، والأفضل أن لا يقف فيه الإنسان
على ركن من أركان الجملة أو بين المتضايفين أو نحو ذلك لأن ذلك مغير
للمعنى، وقد ذكر ابن الجزري رحمه الله أن شيخا من شيوخه كان يقرأ عليه
طالب بالجمع فقرأ ﴿تبت يدا أبي﴾ ووقف يريد الرجوع إلى المد المنفصل وهو
محل خلاف بين القراء، فمنهم من يشبعه فيقول: تبت يدا أبي لهب، ومنهم من
يقصره فيقول: تبت يدا أبي لهب، فقرأها هو فوقف على أبي، فقال يستحق من
نجلك، أي الذي ولدك يستحق أن يدعى عليه بهذا الدعاء، فهو دعا على أبيه
فقال تبت يدا أبي، فقال نعم، يستحق من نجلك، فلذلك لا ينبغي للإنسان في


الصفحة التالية
Icon