يقول المؤلف رحمه الله: الترادف في اللغة العربية قليل، لأن الترادف في الحقيقة عبارة عن تضخم اللفظ، وكلام المؤلف صحيح بالنسبة للمعاني، أما بالنسبة للأعيان فإن الترادف فيها كثير، فكم للهر من اسم؟ وكم للأسد من اسم؟ وهكذا، المعاني صحيح أن الترادف فيها قليل ولكن مع ذلك موجود ولا يمكن أن ينكر، فمثلاً بر، وقمح، وحب، وعندنا باللغة العامية عيش هذا مترادف وهو كثير. وفي القرآن يقول: إنه نادر بمعنى أنه لا يمكن أن تأتي كلمة بمعنى كلمة في القرآن، ولكن هناك كلمة (( الشك))في قوله تعالي: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ)(يونس: ٩٤) وهناك كلمة ( رَيْبَ)، (( لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ))(البقرة: ٢) يظن بعض الناس أن الشك والريب معناهما واحد وليس كذلك كما سيذكر المؤلف، فحينئذ الترادف من كل وجه يقول إنه نادر أو معدوم. قوله: ( وقل أن يعبر عن لفظ واحد، بلفظ واحد يؤدي جميع معناه) قوله: (( بلفظ واحد)) يعني مغاير أي غير الأول(( عن لفظ واحد بلفظ آخر )) يعني آخر لو، وقال المؤلف: (( عن لفظ واحد بلفظ واحد )) لكان أبين وأوضح، وهذا هو مراده.
* * *
فإذا قال القائل: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً) (الطور: ٩) إن المور هو الحركة، كان تقريباً، إذ المور حركة خفيفة سريعة. وكذلك إذا قال: الوحي الإعلام، أو قيل: ( أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ) أنزلنا إليك، أو قيل: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيل)(الاسراء: من الآية٤) أي أعلمنا. وأمثال ذلك فهذا كله تقريب لا تحقيق فإن الوحي هو إعلام سريع خفي، والقضاء إليهم أخص من الإعلام، فإن فيه إنزالاً إليهم وإيحاء إليهم والعرب تضمن الفعل معنى الفعل وتعديه تعديته.
الشرح