وهذا صحيح فاختلافهم في لون كلب أصحاب الكهف ليس فيه فائدة، سواء كان أحمر أو أبيض أو أسود، فلا فائدة لنا من معرفته، وليس لنا طريق إلي العلم به، إلا عن طريق الإسرائليين، والإسرائيليون ليسوا موثوقين، ولا فائدة لنا في العلم بلونه إذ لا يهم كونه اسود أو أبيض أو أحمر.
وكذلك أيضاً في البعض الذي ضرب به موسى من البقرة، في قوله تعالي: (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا) هل البعض هو اليد أم الرجل أم الرقبة أم الرأس؟ فلا ندري.
* * *
وفي مقدار سفينة نوح، وما كان خشبها.
الشرح
فليس هناك فائدة في معرفة من أين خشبها ومما كان، هل كان من الأثل، أم من السمر، أم من الساج؟ وما كان مقدارها وطولها في السماء وطولها في الأرض وعرضها؟ كل هذا لا يهمنا.
* * *
وفي اسم الغلام الذي قتله الخضر، ونحو ذلك، فهذه الأمور طريق العلم بها النقل، فما كان من هذا منقولاً نقلاً صحيحاً عن النبي ﷺ - كاسم صاحب موسى أنه الخضر- (٢٠)، فهذا معلوم، وما لم يكن كذلك بل كان مما يؤخذ عن أهل الكتاب- كالمنقول عن كعب، ووهب، ومحمد بن إسحاق (٢١) وغيرهم ممن يأخذ عن أهل الكتاب- فهذا لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه إلا بحجة.
كما ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: (( إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله ورسله، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه، وإما أن أهل يحدثوكم بباطل فتصدقوه)) (٢٢).
وكذلك ما نقل عن بعض التابعين، وإن لم يذكر أنه أخذه عن أهل الكتاب فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض، وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلاً صحيحاً، فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين؛ لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي صلي الله عليه وسلم أو من بعض من سمعه منه أقوى، ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين.


الصفحة التالية
Icon