فالأقسام حينئذ ثلاثة: ما علمت صحته وهو الأول، وما علم بطلانه وهو الثاني، وما يجب التوقف فيه وهو الثالث، الذي لا نعلم هل هو من النقل المصدق عن معصوم، أو من القول الذي عليه دليل معلوم، أو أنه مزيف ومردود، فلا نعلم هذا ولا هذا، فالأول مقبول، والثاني مردود، والثالث متوقف فيه.
والبهرج هو المغشوش، وبهرج النقود من الذهب والفضة هي المغشوشة، والمنقودة أي : السالمة من الغش.
* * *
وحاجة الأمة ماسة إلى فهم القرآن الذي هو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يخلق على كثيرة الترديد ولا تنقضي عجائبه.
الشرح
هنا يقول المؤلف- رحمه الله-: إن الناس محتاجون إلي فهم كتاب الله، وهذا واضح، فحاجة الناس إلي فهم كتاب الله ظاهرة جداً، فإنهم في حاجة بل في ضرورة إلي فهم كتاب الله؛ لأنه الكتاب الذي أمروا باتباعه، والإنسان لو يؤمر باتباع كتاب مؤلف من المؤلفين احتاج إلي معرفته وشرحه فكيف بكتاب الله عز وجل.
ثم وصف المؤلف القرآن الكريم بعدة أوصاف، فقال عنه: (( الذي هو حبل الله المتين)) حبل الله لأن الله تعالي هو الذي وضعه، والحبل في الأصل: ما يتوصل به إلي غيره، كالسبب تقريباً؛ ولهذا فسر قوله تعالي: ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ )(الحج: ١٥)، أي: بحبل ووصف بأنه حبل الله لأنه موصل إلي الله عز وجل.
ووصفه بقوله: (( والذكر الحكيم)) وقد أخذ المؤلف- رحمه الله- هذا الوصف من قول الله تعالي: (ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ) (آل عمران: ٥٨)، فهو ذكر، لأنه مذكر، وهو ذكر، لأن فيه الذكري لمن تمسك به ورفع ذكره، كما قال تعالي: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِك)(الزخرف: ٤٤)يعني رفعة وشرفاً. والحكيم : معناه المحكم أو المتضمن للحكمة البالغة في أحكامه.