إذا القسم الأول: وهم الذين اعتقدوا شيئاً فأرادوا أن يحملوا معاني الكلام عليه، وهذا كما يكون في العقائد والأمور العلمية يكون كذلك في الأحكام والأمور العملية، تجد الرجل يعتنق مذهباً معيناً ثم يحاول أن يصرف معاني النصوص إلي ذلك المعنى المعين الذي كان يعتنقه سواء في أسماء الله وصفاته، أو في التوحيد، أو ما أشبه ذلك.
فمثلاً: يقول أنا أجيز التوسل حتى بالجن والشياطين، لأن الله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة)(المائدة: ٣٥) فأتوسل بكل شيء، وكذلك أيضاً ينكر صفات الله عز وجل ويقول لأن الله يقول ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشوري : ١١) وأنا إذا أثبت الصفة مثلت، يكون معتقداً هذا الاعتقاد ثم يحمل القرآن على ذلك.
القسم الثاني: ليس عنده اعتقاد سابق لكنه يفسر القرآن بحسب ما يدل عليه اللفظ، بقطع النظر به وهو الله، وعن المنزل عليه وهو الرسول ﷺ، وعن المخاطب به وهم المرسل إليهم، ينظر إلي الكلام من حيث هو كلام فقط، وهذا أيضاً خطأ، فإنه بلا شك عند جميع الناس أن الكلام يختلف معناه بحسب المتكلم به، وبحسب المخاطب به أيضاً.
فمثلاً لو جاءتك كلمة نابية من شخص محترم، وجاءتك مثل هذه الكلمة من شخص ساقط فإن كلمة الأول أشد تاثيراً، لأن كلمة المحترم لها وزن، فإذا وصفني بعيب مثلاً فمعناه أنه حط من قدري، لكن إذا جاء شخص ساقط يسب كل أحد وسبني فلن يهمني كثيراً. مع أن الكلمة واحدة.
كذلك أيضاً، لو أن واحداً تكلم مع شخص فقال: والله هذا رجيل ! ورجيل تصغير رجل- وهو يتحدث عن صبي صغير، صارت مدحاً له، ولكن لو قالها لرجل عاقل كبير صارت ذماً.
إذاً فالكلمة الواحدة تجدها تختلف بحسب المخاطب بها، حتى إن الكلمة التي تصغر تكون أحياناً معناها عظيماً وكبيراً كما قيل:
وكل أناس سوف تدخل بينهم
دويهية تصفر منها الأنامل