في الوصل: وأما الوقف فبالإسكان لا صلة فيه لجميع القراء في جميع الهاءات، وقد تقدم ذكره.
فإن قلت: هذه المواضع التي نص لبعض القراء على إسكانها من أين تعلم قراءة الباقين.
قلت: قد سبق الإعلام بها في قوله: وما قبله التحريك للكل وصلًا، وهذه المواضع المسكنة كلها قبل هاءاتها متحركات فكأنه قال القراء كلهم على صلة الهاء إذا تحرك ما قبلها، واستثنى هؤلاء هذه المواضع فأسكنوها والله أعلم.
١٦٦-
وَعى "نَفَرٌ" أَرْجِئْهُ بِالْهَمْزِ سَاكِناً | وَفي الْهَاءِ ضَمٌّ "لَـ"ـفَّ "دَ"عْوَاهُ "حَـ"ـرْمَلا |
"وآخرون مرجئون"١، "وترجئ من تشاء"٢.
ونفر همزوا الجميع يقال أرجأت الأمر إذا أخرته وبعض العرب يقول: أرجيت كما يقول أخطيت وتوضيت فلا يهمز حكاه الجوهري وقوله: بالهمز يؤخذ منه أن قراءة الباقين بلا همز ولم تكن له حاجة إلى قوله: ساكنا فإنه قد لفظ به كذلك.
فإن قلت: فيه زيادة بيان.
قلت: صدقت ولكنه يلبس الضد؛ إذ يلزم من ذلك أن يكون الضد فتح الهمز كقوله: "ويطهرن" في الطاء السكون "والأيكة" اللام ساكن "منسأته" سكون همزته ماضٍ، فإنه ضد السكون فيها فتح الطاء واللام والهمزة، وعذره في ذلك أن الهمز هو صاحب الضد فضده لا همز كما ذكر ذلك في "الصابئين" و"الأيكة"، ولم يقدح في ذلك وصفه الهمز بالسكون وهذا كما أن الحركة ضدها السكون ولا يقدح في ذلك ذكره الكسر والضم والفتح معها على ما مهدناه في شرح الخطبة وساكنا حال من الهمز، ولو قال مكانه فيهما لكان جيدًا، وارتفع الإيهام المذكور أي في الموضعين.
ثم ذكر أن جميع من همز أرجئه ضم الهاء إلا ابن ذكوان فإنه كسرها، واستبعدت قراءته وتكلم فيها من جهة أن الهاء إنما تكسر بعد كسر أو ياء ساكنة وحقها الضم في غير ذلك فأرجئه مثل منه وزنه وأهبه، وقد اعتذر له بأن الهمز لم يعتد به حاجزًا؛ لقبوله الإبدال فكأن الهاء وَلِيَتِ الجيم المكسورة أو كأنها بعد ياء ساكنة في التقدير لو أبدلت الهمزة ياء، ويضعف هذا الاعتذار وجوه.
الأول: أن الهمز معتدٌّ به حاجزًا بإجماع في "أنبئهم ونبئهم" والحكم واحد في ضمير الجمع والمفرد فيما يرجع إلى الكسر والضم.
الثاني: أنه كان يلزمه صلة الهاء؛ إذ هي في حكمه كأنها قد ولِيَت الجيم.
الثالث: أن الهمز لو قلب ياء لكان الوجه المختار ضم الهاء مع صريح الياء؛ نظرا إلى أن أصلها همزة فما الظن بمن يكسر الهاء مع صريح الهمزة، وسيأتي تحقيق ذلك في باب وقف حمزة فضم الهاء مع الهمز هو الوجه
١ سورة التوبة، آية: ١٠٦.
٢ سورة الأحزاب، آية: ٥١.
٢ سورة الأحزاب، آية: ٥١.