ويجوز أن يكون قوله: أعجمي بدلا من حرف فصلت أو عطف بيان له، وفصل بينهما بفاعل حققها وهو صحبة وضرورة، ولك أن تجعله خبرا مبتدأ محذوف أي هو ءأعجمي، وقوله: لتسهلا أي لتركب الطريق السهل أو لتسهل اللفظ بإسقاطها، ثم إن الناظم -رحمه الله- بعد ذكره لحرف فصلت أتبعه ما وقع فيه الخلاف بعده فلهذا ذكر ما في الأحقاف، ونون ثم ذكر ما قبل فصلت على الترتيب فقال:
١٨٦-
وَهَمْزَة أَذْهَبْتُمْ فِي الأَحْقَافِ شُفِّعَتْ | بِأُخْرَى "كَـ"مَا "دَ"امَتْ وِصَالاً مُوَصَّلا |
وظاهر نظم الشاطبي أن وجه التحقيق لهشام يجري هنا لإطلاقه القول في ذلك وإجماله له مع أنه بين الذي في سورة ن وللحافظ أبي عمرو الداني -رحمه الله- كتاب مستقل في إيضاح مذاهب القراء في الهمزتين الملتقيتين في كلمة أو كلمتين متفقتين أو مختلفتين فحكى فيه عن ابن ذكوان في: ﴿أَذْهَبْتُمْ﴾ ١ وجهين: أحدهما تحقيق الهمزتين، والثاني بهمزة ومدة.
قال: واختلف أصحاب هشام عنه فروى الحلواني عنه بهمزة مطولة قال: يعني أنه حقق همزة الاستفهام وسهل همزة القطع بعدها فجعلها بين بين وأدخل ألفا فاصلة بينهما؛ طردا لمذهبه في سائر الاستفهام، وقال أحمد بن يونس: حدثنا هشام عن أصحابه عن ابن عامر "أأذهبتم" بهمزتين ولم يذكر فصلا بينهما.
قلت: ولم يذكر تحقيقا ولا تسهيلا والظاهر التسهيل؛ توفيقا ين الروايتين، ويصدق على ذلك إطلاق عبارة الهمزتين، قال الداني: وقياس رواية إبراهيم بن عباد عن هشام أن يحققها ويفصل بألف بينهما، وقوله: كما دامت نعت لمصدر محذوف أي شفعت تشفيعا دائما دواما كدوام همزة "أذهبتم" في نفسها: أي ثابتا ثباتا كثباتها.
والمعنى أن ثبات التشفيع في قراءة ابن عامر وابن كثير كثبات همزة أذهبتم لا تبرح ولا تذهب أو شفعت بأخرى دائمة كدوامها فتواصلا وصالا موصلا ينقله بعض القراء إلى بعض، وقيل: كما دامت كذلك مشفعة بهمزة التوبيخ مواصلة لها في مواضع كثيرة نحو: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ﴾ ٢.
ويؤيده قوله في آخر السورة: ﴿أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ﴾ ٣.
١ سورة الأحقاف، آية: ٢٠.
٢ سورة المجادلة، آية: ١٣.
٣ سور الأحقاف، آية: ٣٤.
٢ سورة المجادلة، آية: ١٣.
٣ سور الأحقاف، آية: ٣٤.