ونحوه ما ألفه للتأنيث ثم قال: وكذلك: "الهدى" و"العمى".
ونحوه مما الألف فيه منقلبة عن ياء فجمع بين النوعين فعبر عنهما بذوات الياء فيجوز أن يكون الناظم سلك هذا المسلك وقسم ذوات الياء إلى ما الألف فيه أصل وإلى ما الألف فيه للتأنيث وسيأتي كل ذلك ويجوز أن يكون المراد تأكيد ما تقدم أي أن الإمالة لا تقع في قراءتهما إلا حيث كانت الياء التي انقلبت عنها الألف أصلا وهذا وإن كان معلوما من قوله: ذوات الياء فإن ذلك لا يقال إلا لما كانت الياء فيه أصلا فإنه غير معلوم من اللفظ بل من قاعدة علم التصريف فنص عليه لفظا وغرضه إعلام أن الإمالة لهما لا تقع في الألفات الزوائد كألف نائم ولاعب، وإنما تقع في ألف منقلبة عن ياء هي لام الكلمة، ويجوز أن يكون المعنى حيث تأصلا الياء أي تمكنت تمكنا تاما بحيث رسمت الكلمة بها لا بالواو، فأميلت الألف موافقة للرسم فهذه ثلاثة أوجه في معنى هذا الكلام إن كان فاعل تأصلا ضميرا عائدا على الياء والألف فيه للإطلاق، ويجوز أن تكون الألف للتثنية وهي ضمير عائد على حمزة والكسائي، وله وجهان من المعاني: أحدهما في المواضع التي تأصلاها أي أنهما أصلا لها أصلا فكل ما دخل في ذلك الأصل والضابط أمالاه ثم بين الأصل والضابط بالبيت الآتي.
والثاني أن المعنى حيث تأصلا هما؛ أي: كانا أصلا في باب الإمالة؛ لاستيعابهما منهما ما لم يستوعب غيرهما فكل من أمال شيئا فهو تابع لهما أو لأحدهما في الغالب أي فعمما جميع ذوات الياء؛ لأنهما ليس من مذهبهما تخصيص أفراد من الكلم بالإمالة بخلاف ما فعل غيرهما كما ستراه ثم لا فرق في إمالة هذه الألف المنقلبة عن الياء لهما بين ما هي مرسومة في المصحف بالياء وما هي مرسومة بالألف فإن من ذوات الياء ما رسم في المصحف بالألف كما ترسم ذوات الواو نحو: "طغا" و"تولاه" و"أقصا المدينة" و"الأقصا" و"العليا" و"الدنيا"... وغير ذلك. وأما الحياة فلم تمل، وإن كانت ألفها منقلبة عن ياء عند قوم؛ لأن ألفها رسمت واوا في المصحف، ولأن الخلاف قد وقع في أصل ألفها فوقع الشك في سبب لإمالة فتركت وعدل إلى الفتح فإنه الأصل، وكل ما أميل ففتحه جائز، وليس كل ما فتح إمالته جائزة، ثم من ضرورة إمالة الألف حيث تمال أن ينحى بالحرف الذي قبلها نحو الكسرة ثم إن حمزة والكسائي يميلان الألف الموصوفة بالأوصاف المذكورة حيث وجدت إلا في مواضع خالف فيها بعضهم أصله وفي مواضع زاد معهم غيرهم ثم بين ذات الياء فقال:
٢٩٢-
وَتَثْنِيَةُ الأسْماءِ تَكْشِفَها وَإِنْ | رَدَدْتَ إِلَيْكَ الْفِعْلَ صَادَفْتَ مَنْهلا |