وقوله: واقفا حال من فاعل إسماع، وتنولا صفة لدانٍ، وهو مطاوع نولته أي أعطيته نوالا كأنه يشير إلى السماع أي كل دانٍ سامع منصت لقراءتك، فهو المدرك لذلك بخلاف غيره من غافل أو أصم، وقال صاحب صحاح اللغة: روم الحركة الذي ذكره سيبويه هي حركة مختلسة مخفاة بضرب من التخفيف، وهي أكثر من الإشمام؛ لأنها تسمع وهي بزنة الحركة، وإن كانت مختلسة مثل همزة بين بين ثم أخذ يبين الإشمام فقال:
٣٦٨-
وَالِاشْمَامُ إِطْبَاقُ الشِّفَاهِ بُعَيْدَ مَا | يُسَكَّنُ لاَ صَوْتٌ هُنَاكَ فَيَصْحَلا |
قلت: وهذا خلاف ما يقوله القراء والنحاة في حقيقة الإشمام، وفي محله أيضا لكن قال مكي: قد روي عن الكسائي الإشمام في المخفوض قال: وأراه يريد به الروم؛ لأن الكوفيين يلقبون ما سميناه روما إشماما وما سميناه إشماما روما.
قلت: فعبر الجوهري بما لا يوافق المذهبين فكأنه كان في ذلك بين بين، وقال أبو علي في التكملة الإشمام هو أن تضم شفتيك بعد الإسكان وتهيئهما للفظ بالرفع أو الضم وليس بصوت يسمع وإنما يراه البصير دون الأعمى وذكر نصر بن علي الشيرازي في كتابه الموضح أن الكوفيين، ومن تابعهم ذهبوا إلى أن الإشمام هو الصوت وهو الذي يسمع؛ لأنه عندهم بعض حركة، والروم هو الذي لا يسمع؛ لأنه روم الحركة من غير تفوه به.
قال: والأول هو المشهور عند أهل العربية.
قلت: وزعم بعضهم أن ابن كيسان ومن وافقه من الكوفيين ترجموا عن الإشمام بالروم وعن الروم بالإشمام، وزعموا أن ذلك أقرب إلى استعمال اللفظين في وضع اللغة، ولا مشاحة في التسمية إذا عرفت الحقائق، ثم ذكر الناظم مواضع استعمال الروم والإشمام فقال:
٣٦٩-
وَفِعْلُهُماَ في الضَّمِّ وَالرَّفْعِ وَارِدٌ | وَرَوْمُكَ عِنْدَ الكَسْرِ وَالجَرِّ وُصِّلا |
٣٧٠-
وَلَمْ يَرَهُ في الفَتْحِ وَالنَّصْبِ قَارِئٌ | وَعِنْدَ إِمَامِ النَّحْوِ في الكُلِّ أُعْمِلا |