"يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون"١؛ ففي هذه القراءة رد لفظ ما ابتدأ به وأجمع عليه ومن قرأ الثانية: "يخدعون" نبه على أن الأولى بهذا المعنى، وأن فاعلت هنا بمعنى فعلت نحو طارقت النعل وسافرت وعاقبت وقيل: جعلوا خادعين لأنفسهم لما كان ضرر ذلك عائدا إليهم كقوله تعالى في موضع آخر: ﴿إِنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ ٢، وإنما أجمع على الأول وعدل فيه من فعل إلى فاعل كراهة التصريح بهذا الفعل القبيح أن يتوجه إلى الله سبحانه فأخرج مخرج المحاولة لذلك والمعاناة له والله أعلم.
٤٤٥-

وخَفَّفَ كُوفٍ يَكْذِبُونَ وَيَاؤُهُ بِفَتْحٍ وَلِلبَاقِينَ ضُمَّ وَثُقِّلا
عني بالتخفيف إسكان الكاف وإذهاب ثقل الذال والباقون ثقلوا موضع تخفيف هؤلاء، فلزم تحريك الكاف، وإن لم يتعرض له؛ إذ لا يمكن تثقيل الذال إلا بفتح الكاف وضم الياء والقراءتان ظاهرتان فإن المنافقين لعنهم الله قد وصفوا في القرآن بأنهم كاذبون في مواضع كثيرة، ومع أنهم كاذبون هم يكذبون؛ لأن الله تعالى وصفهم بقوله: ﴿وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾، ومن لم يكن مصدقا فهو مكذب ولا خلاف في تخفيف: ﴿بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ﴾ ٣.
كما أنه لا خلاف في تثقيل قوله تعالى: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ﴾، ونحوه، ولا يرد على الناظم ذلك لأنه لم يقل جميعا ولا بحيث أتى ولا نحو ذلك وتلك عادته فيما يتعدى الحكم فيه سورته إلا مواضع خرجت عن هذه القاعدة سننبه عليها في مواضعها منها ما في البيت الآتي: "وَالتَّوْرَاةَ" و"كائن"، وضُمَّ فعل ماض لا أمر بل هو من جنس ما عطف عليه من قوله وثقلا والله أعلم.
٤٤٦-
وَقِيلَ وَغِيضَ ثُمَّ جِيءَ يُشِمُّهَا لَدى كَسْرِهَا ضَمَّا "رِ"جَالٌ "لِـ"ـتَكْمُلا
٤٤٧-
وَحِيلَ بِإِشْمَامٍ وَسِيقَ "كَـ"ـمَا "رَ"سَا وَسِيءَ وَسِيئَتْ "كَـ"ـانَ "رَ"ـاوِيهِ "أَ"نْبَلا
أراد ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ﴾، ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا﴾.
١ آية: ٩.
٢ سورة النساء، آية: ١٤٢.
٣ سورة التوبة: آية: ٧٧.


الصفحة التالية
Icon