أرسل القارئ إليه آنية فاستخرجها وافية الامتلاء يشير إلى اختياره على ما هو أهل للاختيار ووجه الخطاب رده على قوله: ﴿فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ﴾، وفاعل قوله دنا ضمير: ﴿عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾، وفاعل دلا ضمير قوله وغيبك والله أعلم.
٤٦١-

خَطِيئَتُهُ التَّوْحِيدُ عَنْ غَيْرِ نَافِعٍ وَلاَ يَعْبُدُونَ الغَيْبُ "شَـ"ـايَعَ "دُ"خْلَلا
لم يأت بواو فاصلة بين هاتين المسألتين؛ لأن قوله خطيئته لا يلتبس أنه رمز؛ لأنه رمز لنافع فيما قبله، ولأنه من لفظ القرآن، وهو في البيت مبتدأ والتوحيد صفته على معنى ذو التوحيد أو يكون مبتدأ ثانيا أي التوحيد فيه كقولهم: السمن منوان بدرهم، ولو قال "خطيئاته" وحده عن غير نافع لكان لأحسن؛ لأن فيه التلفظ بقراءة وتقييد أخرى ولئلا يوهم أن قراءة نافع بجمع التكسير كما قرئ شاذا "خطايا" والتوحيد في مثل هذا يفيد معنى الجمع كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾، ووجه الجمع ظاهر لأن الذنوب متعددة وفي الإفراد موافقة قوله قبله: ﴿مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً﴾ ؛ أي وأحاطت به تلك السيئة وقيل في قراءة الجمع: إن المراد بالسيئة الشرك فيبقى على موازنة: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾.
فالمعنى: من أشرك وعمل السيئات والله أعلم، وقوله: شايع؛ أي تابع والدخلل الذي يداخلك في أمورك وهو حال من الضمير في شايع، والضمير عائد على الغيب، أو على يعبدون؛ فإن عاد على الغيب كان يعبدون مبتدأ والغيب مرفوع على أنه مبتدأ ثانٍ، أو بدل منه بدل اشتمال نحو: زيد ثوبه حسن أي الغيب فيه تابع ما قبله وهو قوله: ﴿مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ﴾ ؛ أي تابعه في حال كونه دخللا: أي ليس بأجنبي ويجوز أن يكون دخللا مفعولا على هذا أي تابع دخيلا له، وهو ما قبله من الغيبة، وإن عاد الضمير على "يعبدون" كان الغيب مفعولا به أي تابع الغيب فيكون الغيب منصوبا ودخللا حال، ووجه الخطاب أن بعده: "وقولوا للناس" وهو حكاية حال الخطاب في وقته، ولهذا يقال: قلت لزيد: لا تضرب عمرا بالياء والتاء، وهو نهي بلفظ الخبر كما يجيء الأمر كذلك نحو "والمطلقات يتربصن".


الصفحة التالية
Icon