﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ﴾، ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ في سورة الصف١، ونحو القراءتين هنا ما يأتي في آل عمران: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ﴾، بالياء والتاء٢، فالخطاب كقوله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا﴾، والغيب كقوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا﴾ وذلك قريب من قولهم يا تميم كلكم ويا تميم كلهم بالخطاب والغيب نظرا إلى النداء وإلى الاسم:
٤٦٢-

وَقُلْ حَسَنًا "شُـ"ـكْرًا وَحُسْنًا بِضَمِّهِ وَسَاكِنِهِ الْبَاقُونَ وَاحْسِنْ مُقَوِّلا
شكرا حال أو مفعول له أي لأجل شكر الله أي اشكر نعمة الله بسبب ما يصدر منك من القول الحسن، ثم بيَّن قراءة الباقين وقيدها بالضم والإسكان، ولزم من ذلك تقييد القراءة الأخرى، وإن كان لفظها قد جلا عنها؛ لأن الضم ضده الفتح والإسكان ضده التحريك المطلق، والتحريك المطلق هو الفتح وكان يمكنه جعل هذا البيت والذي بعده واحدا فيقول:
وقل حسنا شكرا وحسنا سواهما وتظاهروا تظاهرا خف ثملا
ويكون حذف النون للضرورة كقوله: قل فطرن في هود، ولم يقرأ أحد بحذف الياء وإسكان النون، ثم لو قال وإسكانه الباقون أو وتسكينه لكان أولى من قوله: وساكنه ليعطف مصدرا على مصدر ولا يصح ما ذكر إلا بتقدير بذي ضمه وساكنه أي بالمضموم والساكن، وقوله: بضمه وإسكانه أخصر وأولى وأوضح معنى، والقراءتان بمعنى واحد كلا اللفظين نعت مصدر محذوف أي وقولوا للناس قولا حُسْنا وقولا حَسَنا هذا إن قلنا هما لغتان كالرُّشْد والرَّشَد والبُخْل والبَخَل والحُزْن والَزَن وإن قلنا الحُسْن بالضم والإسكان مصدر فتقديره قولا ذا حسن، ومقولا أي ناقلا؛ لأن الناقل يقول غيره ما ينسبه إليه أي أحسن في نقلك وتوجيه ما تنقله من هذه القراءات ونصبه على التمييز كقولك: لله دره فارسا، وحسبك به ناصرا؛ لأن النسبة في المعنى إلى مصادر هذه المنصوبات أي لله در فروسيته، وحسبك نصرته وليحسن تقويلك وأداؤك لهذه الوجوه من القراءات في نسبتها إلى أربابها والله أعلم.
٤٦٣-
وَتَظَّّاهَرُونَ الظَّاءُ خُفِّفَ "ثَـ"ـابِتًا وَعَنْهُمْ لَدَى التَّحْرِيمِ أَيْضًا تَحَلَّلا
أي الظاء فيه خفف، وثابتًا: حال أي في حال ثبوته والتقدير تخفيفا ثابتا فهو نعت مصدر محذوف،
١ آية: ١١.
٢ آية: ١٣.


الصفحة التالية
Icon