وتحللا من الحلول أو التحليل أي وحل التخفيف عنهم أيضا في سورة التحريم في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ﴾، والذي هنا: "تظاهرون عليهم بالإثم"، ووجه القراءتين ظاهر الأصل تتظاهرون وتتظاهرا فمن شدد أدغم التاء في الظاء ومن خفف حذف إحدى التاءين وأيتهما المحذوفة فيه اختلاف لأهل العربية، وسيأتي له نظائر كثيرة، وقابل بين لفظي التحريم، وقوله: تحللا وهو اتفاق حسن والله أعلم.
٤٦٤-
وَحَمْزَةُ أَسْرى فِي أُسَارى وَضَمُّهُمْ | تُفَادُوهُمُو وَالمَدُّ "إِ"ذْ "رَ"اقَ "نُـ"ـفِّلا |
أي وقراءة حمزة: أسرى أو حمزة يقرأ أسرى في موضع أسارى فلفظ بالقراءتين فلم يحتج إلى تقييد، وأسرى جمع أسير كقتيل وقتلى وأسارى، قيل أيضا: جمع أسير كقديم وقدامى، وقيل جمع جمع ككسلان لما جمعهما لمعنى وهو عدم النشاط فكما قالوا: كسالى قالوا: أسارى، وقيل: هو جمع أسرى وفداه وفاده واحد وقيل: معنى المفاعلة محقق في فاد، وقوله: وضمهم يعني في التاء، والمد: يعني به الألف ويلزم من ذلك فتح الفاء، والباقون بفتح التاء والقصر وإسكان الفاء، ولو قال:
أسارى قلَ اسرى فز وضم محرّكا | لتفدوهم والمد إذ رق نفلا |
لحصلت قيود القراءتين، وراق الشراب: أي صفا، وراقني الشيء: أعجبني، ونفل: أي أعطى النفل وهو الغنيمة يشير بذلك إلى ظهور معنى القراءة يريد قوله تعالى:
﴿وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ﴾.
٤٦٥-وَحَيْثُ أَتَاكَ القُدْسُ إِسُكَانُ دَالِهِ | "دَ"وَاءٌ وَلِلبَاقِينَ بِالضَّمِّ أُرْسِلا |
إنما كان إسكان داله دواء؛ لأنه أخف، وهما لغتان؛ الضم لأهل الحجاز والإسكان لتميم، وإنما احتاج إلى بيان قراءة الباقين؛ لأن الإسكان المطلق ضده الفتح لا الضم وأرسل أي طلق، ومرفوعه ضمير القدس أو الدال، وحيث متعلق بالإسكان وتقديمه على عامله، وهو مصدر من باب الاتساع في الظروف، وقد نص على جوازه غير واحد من المحققين، وكأن الناظم -رحمه الله- كان يرى ذلك فقد تكرر ذلك في نظمه، وقد سبق في قوله: وإن تزد لربك تنزيها وكان يمكنه أن يحترز هنا عن ذلك بأن يقول وإسكان دال القدس في كل موضع دواء.
٤٦٦-وَيُنْزِلُ خَفِّفْهُ وَتُنْزِلُ مِثْلُهُ | وَتُنْزِلُ "حَقٌّ" وَهْوَ في الحِجْرِ ثُقِّلا |
التخفيف في هذا والتشديد لغتان، وقيل في التشديد دلالة على التكثير والتكرير، وبناء فعل يكون كذلك غالبا وأنزل ونزل واحد في التعدية، وأنزل أكثر استعمالا في القرآن، ويدل على أن نزل المشدد في معنى أنزل إجماعهم على قوله تعالى:
﴿لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾، وإنما كرر الناظم هذه الألفاظ الثلاثة؛ لأن مواضع الخلاف في القراءتين لا يخرج عنها من جهة أن أوائل