في الدنيا حالهم حين يرون"، لأقلعوا عن اتخاذ الأنداد، وقيل: "الذين ظلموا" مفعول كما في قراءة الخطاب، والفاعل ضمير عائد على لفظ من في قوله: من يتخذ، وقيل التقدير: ولو يرى راء أو إنسان في الدنيا حال الظالمين إذ يرون العذاب لعلم أن القوة لله كما قيل في قوله تعالى: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾.
أي: ولا يحسبن حاسب، وقيل: التقدير: ولو يرى أحد حالهم في ذلك الوقت، فرأى أمرا هائلا، وقيل: المعنى: ولو تيقن الذين ظلموا زمان رؤية العذاب فيكون المراد به الإيمان بالبعث على أن يرى بمعنى عرف وهذا من المواضع المشكلة، وما قدمته أحسن الوجوه في تفسيره، وإذ فيه لمجرد الزمان من غير تعرض لمضي كما تستعمل إذا كذلك من غير تعرض للاستقبال نحو: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾.
وقال أبو علي: إنما جاء على لفظ المضى لما أريد فيها من التحقيق والتقريب وعلى هذا جاء: ﴿وَنَادَى اصْحَابُ الْجَنَّةِ اصْحَابَ النَّارِ﴾.
ومنه: قد قامت الصلاة والخلاف في يرون بفتح الياء وضمها ظاهر فإن الله تعالى يريهم ذلك فيرونه، وما أحسن ما عبر عن الضمة على الياء بأن الياء كللت بها، شبه الضمة بالإكليل وهو تاج الملك والله أعلم.
٤٩٢-

وَحَيْثُ اتي خُطُوَاتٌ الطَّاءُ سَاكِنٌ وَقُلْ ضَمُّهُ "عَـ"ـنْ "زَ"اهِدً "كَـ"ـيْفَ "رَ"تَّلا
أي كيفما رتل القرآن فإنه يضم الطاء وضمها وإسكانها لغتان: فالإسكان موافق للفظ المفرد؛ لأنه جمع خطوة وهو اسم ما بين القدمين: من خطا يخطو والمصدر بفتح الخاء فمعنى قوله تعالى: ﴿لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ ؛ أي: لا تسلكوا مسالكه ولا تفعلوا فعله، وضم الطاء في الجمع؛ للاتباع، ويجوز الفتح في اللغة أيضا، وقوله: عن زاهد؛ أي: الضم محكي مروي عن قارئ زاهد إشارة إلى عدالة نقلته والله أعلم.
٤٩٣-
وَضَمُّكَ أولَى السَّاكِنَينَ لِثَالِثٍ يُضَمُّ لُزُومًا كَسْرُهُ "فِـ"ـي "نَـ"ـدٍ "حَـ"ـلا
وضمك: مبتدأ وما بعده مفعول به وتعليل، وكسره مبتدأ ثانٍ وهو وما بعده خبر الأول؛ أي: كسر ذلك الضم في ندٍ حلو في محل رطب لين أو التقدير كسره حلا في ند، ويجوز أن يكون لثالث خبر وضمك؛ أي: ضم أول كل ساكنين واقع عند كل ثالث يضم ضما لازما، فتكون هذه اللام للتوقيت لا للتعليل، ثم بين القراءة الأخرى فقال: كسره في ند حلا، وكان الوجه أن يقول أول الساكنين بالتذكير فلم يتزن له البيت، فعدل إلى التأنيث، ولم يتعرض الشيخ -رحمه الله- لبيانه، وقال غيره: التقدير: وضمك السواكن الأولى من باب التقاء الساكنين، ثم حذف الموصوف ولام التعريف وأضاف، قال: ونظيره: ﴿وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ﴾، ﴿وَقَالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ﴾.


الصفحة التالية
Icon