على قول من جعله توكيدا لقوله: ﴿لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ﴾ إلا أن هذا ليس مثل: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ﴾ ؛ لأن هذه لا شرط فيها، وتلك فيها شرط فيبقى بغير جواب فقيل: الجواب محذوف لدلالة الكلام عليه تقديره: غفور له، ومنهم من جعل الثانية معطوفة على الأولى بالفاء، وكل هذا تكلف، والوجه ما قدمناه، وأجاز الزجاج كسر الأولى مع فتح الثانية وإن لم يقرأ به، وأما: ﴿وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ﴾، فذكره صحبة متابعة للرواية؛ أي: قرءوه بالياء؛ لأن لفظ السبيل مذكر في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا﴾ ١، ومن قرأه بالتاء أنثوه كما جاء: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي﴾ ٢، ﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ ٣.
وكل هذا على قراءة من رفع سبيل على أنه فاعل تستبين وهم كل القراء غير نافع على ما سيأتي في أول البيت الآتي وأما قراءة نافع بنصب سبيل فعلى أنها مفعول تستبين والتاء للخطاب لا للتأنيث؛ أي: ولتستبين "أنت" سبيل المجرمين، ؛ أي: تتبينها وتعرفها، فقول الناظم: "صحبة ذكّروا" يريد أن غيرهم أنثوا ونافع لم يؤنث، وإنما جاء بتاء المخاطبة، ولكن العبارة ضاقت عليه فلم يمكنه التنبيه عليه واغتفر أمره؛ لأن قراءته كقراءة الجماعة لفظا بالتاء إلا أنهما يفترقان في المعنى، وذلك لا يقدح في التعريف بصورة القراءة، وقوله: ولا؛ أي: متابعة، وهو في موضع نصب على الحال أو هو مفعول من أجله والله أعلم.
٦٤٢-

سَبِيلَ بِرَفْعٍ "خُـ"ـذْ وَيَقْضِ بِضَمِّ سَا كِنٍ مَعَ ضَمِّ الكَسْرِ شَدِّدْ وَأَهْمِلا
مضى الكلام في رفع سبيل ونصبه وأما يقضي الحق، فقرئ بضم الساكن وهو القاف وبضم الكسر في الصاد مع تشديد الصاد وإهمالها، وهو أن تجعلها غير منقوطة فتعود صادا، فتصير الكلمة يقص من القصص من قوله تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ﴾ ٤.
وبمعنى الإتباع من قوله سبحانه:
١ سورة الأعراف، آية: ١٤٦.
٢ سورة يوسف، آية: ١٠٨.
٣ سورة الأعراف، آية: ٨٥.
٤ سورة الكهف، آية: ١٣.


الصفحة التالية
Icon