واختار أبو عبيد قراءة الكسر اعتبارًا بقراءة أبي بن كعب لآيات في المواضع كلها قال: لأنها دالة على أن الكلام نسق على الحرف الأول.
وقول الناظم: وإن وفي أضمر قال الشيخ: قال -رحمه الله: لم أرد بقولي: أضمر الإضمار الذي هو كالمعطوف به وإنما أردت أن حرف العطف ناب في قوله: ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ﴾ عن أن وفي قوله: واختلاف عن أن وفي وإذا كانت الآيات توكيدا خرج عن العطف على عاملين الذي يأباه أكثر البصريين، وخرج عن إضمار حرف الجر الذي هو قليل في الكلام.
قلتُ: فهذا معنى قوله بعد ذلك: بتوكيد أولا وكأنه جمع بين القولين فإن من يرى العطف على عاملين أضمر أن وفي بخلاف من أكد، وقال الزمخشري هو من العطف على عاملين سواء نصبت أو رفعت فالعاملان إذا نصبت هما أن وفي أقيمت الواو مقامهما فعملت الجر في: "وَاخْتِلافِ"، والنصب في "آيات" إذا رفعت فالعاملان الابتداء وفي وهو على مذهب الأخفش سديد لا مقال فيه وقد أباه سيبويه فهو على مذهبه على إضمار في والذي حسنه تقدم ذكره في الآيتين قبلها أو ينتصب آيات على الاختصاص بعد انقضاء المجرور معطوفا على ما قبله أو على التكير، ورفعها بإضمار هي:
قلتُ: التكرير هو التوكيد الذي ذكره ابن السراج وإضمار في هو قول أبي علي في الحجة وقد بسطه وتكلف بيانه، وحاصله أنه أعمل حرف الجر مضمرا وذلك قليل في كلامهم مستضعف، وليس القول بالعطف على عاملين بأضعف من هذا، أما النصب على الاختصاص والرفع بإضمار هي فوجه آخر زاده من تصرفه وتقدير الكلام على العطف على عاملين: ﴿إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾، وإن في خلقكم آيات وإن في اختلاف الليل والنهار آيات، وعلى قول التأكيد: إن في السموات والأرض وفي خلقكم واختلاف الليل لآيات آيات آيات، وتفرقت كما تفرق بين الفواصل: ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾، ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ﴾ في سورة الروم؛ أي: إن في كل واحد من هذه المذكورات آيات وتارة تقصد الجملة كما في آل عمران: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ﴾، وفي البقرة زاد على ذلك: ﴿وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ﴾ إلى قوله: ﴿لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾، والتقدير: في قراءة الرفع على قول التأكيد: وفي خلقكم وما يبث من دابة واختلاف الليل إلى آخره آيات آيات.
١٠٣٢-

لِنَجْزِي يَا نَصٍّ "سَمَا" وَغِشَاوَةً بِهِ الفَتْحُ وَالإِسْكَانُ وَالْقَصْرُ "شُـ"ـمِّلا
أي: ذو ياء نص سما؛ أي: منصوص على الباء نصا رفيعا؛ لأن الضمير في الفعل يرجع إلى اسم الله تعالى قبله من قوله: "أَيَّام اللَّهِ"، وقراءة الباقين بنون العظمة وغشوة وغشاوة واحد وهو ما يغطي العين عن الأبصار وفيها لغات أخر ولم يختلفوا في التي في البقرة أنها غشاوة وقول الناظم: غشاوة مبتدأ، وحكي لفظ القرآن، فأتى به منصوبا وشملا به خبر؛ أي: شمل بهذا اللفظ الفتح في الغين والإسكان في الشين والقصر وهو حذف الألف وفي شرح الشيخ في شمل ضمير يرجع إلى غشاوة، ولو أراد ذلك لم يحتج إلى قوله: به والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon