الوقف ولا يستطاع أن يوقف عليه دونها مع طلب إظهار ذاته وهي مع الروم أشد، قال الشيخ: سميت بذلك؛ لأنك إذا وقفت عليها تقلقل اللسان حتى تسمع عند الوقف على الحرف منها نبرة تتبعه، وقال الشيخ أبو عمرو: سميت بذلك إما؛ لأن صوتها صوت أشد الحروف أخذا من القلقلة التي هي صوت الأشياء اليابسة وإما؛ لأن صوتها لا يكاد يتبين به سكونها ما لم يخرج إلى شبه التحريك يشبه أمرها من قولهم: قلقله إذا حركه، وإنما حصل لها ذلك لاتفاق كونها شديدة مجهورة فالجهر يمنع النفس أن يجري معها، والشدة تمنع أن يجري صوتها فلما اجتمع لها هذان الوصفان وهو امتناع جري النفس معها وامتناع جري صوتها احتاجت إلى التكلف في بيانها فلذلك يحصل من الضغط للمتكلم عند النطق بها ساكنة حتى تكاد تخرج إلى شبه تحركها؛ لقصد بيانها؛ إذ لولا ذلك لم يتبين؛ لأنه إذا امتنع النفس والصوت تقدر بيانها ما لم يتكلف بإظهار أمرها على الوجه المذكور، وقال ابن مريم الشيرازي: وهي حروف مشربة في مخارجها إلا أنها لا تضغط ضغط الحروف المطبقة غير أنها قريبة منها فإن فيها أصواتا كالحركات تتقلقل عند خروجها؛ أي: تضطرب، ولهذا سميت حروف القلقلة قال: وزعم بعضهم أن الضاد والزاي والذال والطا منها؛ لثبوتها وضغطها في مواضعها إلا أنها وإن كانت مشربة في مخارجها فإنها غير مضغوطة كضغط الحروف الخمسة المذكورة ولكن يخرج معها عند الوقف عليها شبه النفخ قال: وامتحان حروف القلقلة أن تقف عليها فإذا وقفت خرج منها صويت كالنفح لنشرها في اللها واللسان.
١١٥٩-
وَأَعْرَفُهُنَّ القَافُ كُلُّ يَعُدُّهَا | فَهذَا مَعَ التَّوْفِيقِ كَافٍ مُحَصِّلا |
أي: أعرف القلقلة القاف؛ أي: هي المشهورة بذلك المتضح فيها هذا الوصف فاعرف هذا الموضع هو من التفضيل في باب المفعول وهو مما شذ في كلامهم مثل هو أحد منه وأشهر ثم قال: كي يعدها؛ أي: هي مجمع على عدها من حروف القلقلة، قال الشيخ أبو الحسن: قالوا: أصل القلقلة للقاف؛ لأن ما يحس به من شدة الصوت المتصعد من الصدر مع الضغط والحقر فيه أكثر من غيره قال: وعد المبرد منها الكاف إلا أنه جعلها دون القاف؛ لأن حصر القاف أشد قال المبرد: وهذه القلقلة بعضها أشد من بعض فإذا وصلت ذهبت تلك النبرة؛ لأنك أخرجت لسانك عنها إلى صوت آخر فحال بينه وبين الاستقرار، فهذا آخر الكلام في صفات الحروف التي تعرض الناظم لذكرها وهي منقسمة إلى ما يشعر بقوة وإلى ما يشعر بضعف والجهر والشدة والاستعلاء والإطباق والصفير والقلقلة والتكرير والتفشي والاستطالة والانحراف علامات القوة، أما الهمس والرخاوة والتسفل والانفتاح والمد والاعتلال والهوى فعلامات الضعف فلا تغفل في تطلب تجويد القراءة من مراتب الحروف على حسب تمكنها من القوة والضعف وليست صفات القوة ولا صفات الضعف متساوية فكل قسم منها مختلف المراتب، وقد اتفق له اللفظ بجميع الحروف في هذه الصفات التي ذكرها سوى الزاي المعجمة، وفيها من الصفات ما ذكره في البيت الأول وهو وجهر ورخو وانفتاح صفاتها ومستفل، وعرف ذلك وغيره من ضد ما ذكره والله أعلم، وقوله: فهذا مع التوفيق كاف؛ أي: فهذا الذي ذكرته إذا وفق الله من عرفه يكفيه في هذا العلم ومحصلا مفعول كاف؛ أي: يكفي الطالب المشتغل المحصل ويجوز أن يكون حالا من الضمير في كاف؛ أي: في حال كونه محصلا لغرض الطالب محتويا عليه.