﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا﴾ ١.
وما ذكر معها في سورتها، واختار أبو طاهر بن أبي هاشم الإظهار كما هو مذهب سائر القراء قال: لأن فيه إيتاء كل حرف حقه من إعرابه أو حركة بنيته التي استحقها، والإدغام يلبس على كثير من الناس وجه الإعراب، ويوهم غير المقصود من المعنى نحو قوله تعالى: ﴿وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ ٢، ﴿الْمُصَوِّرُ لَهُ﴾ ٣.
ولم يذكر أبو عبيد الإدغام في كتابه وقال في: ﴿بَيَّتَ طَائِفَةٌ﴾ ٤: القراءة عندنا هي الأولى يعني الإظهار لكراهتنا الإدغام إذا كان تركه ممكنا:
١١٧-

فَفِي كِلْمَةٍ عَنْهُ مَنَاسِكَكُمْ وَمَا سَلَككُّمْ وَبَاقِي الْبَابِ لَيْسَ مُعَوَّلاَ
الأولى أن يقرأ مناسككم في هذا البيت من غير إدغام؛ لأنه إن قرئ مدغما لزم ضم الميم وصانتها بواو وليست قراءة أبي عمرو ولا غيره، هكذا نعم يجوز من حيث اللغة فلهذا نقول: إن اضطررنا إليه جاز ارتكابه كقوله فيما بعد: ﴿وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ ٥؛ لأن البيت لا يتزن إلا بالصلة وأما سلككم فلا يستقيم التلفظ به في البيت إلا مدغما ساكن الميم وأراد قوله: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ﴾ ٦ في البقرة ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾ ٧ في سورة المدثر: أي لم يأتِ الإدغام من أبي عمرو في حرفين في كلمة واحدة إلا في هذين الموضعين، ويرد عليه نحو: ﴿يَرْزُقُكُمْ﴾ ٨، كما سيأتي في أول الباب الآتي؛ فإنه أدغم ذلك وشبهه وجميعه من باب الإدغام الكبير في كلمة واحدة وإنما خصص هذين من باب التقاء المثلين في كلمة واحدة، وما أوردناه هو من باب المتقاربين، وإنما ورد عليه من جهة أنه لم يقيد بالمثلين بل قال: ففي كلمة عنه ولم يتقدم قبل هذا البيت سوى أنه حضنا على الإدغام الكبير ولم يعرفنا ما هو، ووقع لي أنه لو قال عوض البيت السابق:
أبو عمرو البصري يدغم أن تحر ركا والتقى المثلان في الثانِ الَاوَّلا
١ سورة الصافات، آية: ١.
٢ سورة النمل، آية: ٤٠.
٣ سورة الحشر، آية: ٢٤.
٤ سورة النساء، آية: ٨١.
٥ سورة التوبة، آية: ٨٧.
٦ سورة البقرة آية: ١٢٠.
٧ آية: ٤٢.
٨ سورة سبأ، آية: ٢٤.


الصفحة التالية
Icon