كما عزي إلى ابن عطية (١)، وقد فصل في تفسيره في المسألة، واختار أنه لا يعلمه على الكمال إلا الله تعالى، وقال :(هذه المسألة إذا تأملت قرب الخلاف فيها من الاتفاق، وذلك أن الله تعالى قسم آي الكتاب قسمين :- محكما و متشابها – فالمحكم هو المتضح المعنى لكل من يفهم كلام العرب لا يحتاج فيه إلى نظر، و لا يتعلق به شيء يلبس، ويستوي في علمه الراسخ وغيره، والمتشابه يتنوع، فمنه ما لا يعلم البتة، كأمر الروح، و آماد المغيبات التي قد أخبر الله بوقوعها إلى سائر ذلك، ومنه ما يحمل على وجوه في اللغة، و مناح في كلام العرب، فيتأول تأويله المستقيم ) اهـ (٢). قلت : هذا حسن في الظاهر لكن دخل من بعضه أبوابه أهل الكلام والمبتدعة، بتأويلات اخترعوها لم يقلها السلف، وهي درجات في الخطأ والبدعة....
واحتجوا بأدلة :
١ -... أن الخطاب بما لا يعلم معناه بعيد. وأجاب الأولون عن الدليل الأول :
بأن الله تعالى يجوز أن يكلفهم الإيمان بما لا يطلعون على تأويله، ليختبر طاعتهم، قالوا كما اختبرهم بالحروف المقطعة مع أنه لا يعلم معناها (٣) على الصحيح.
٢-... أنه لو لم يكن الراسخون يعلمون تأويله لم يكن لهم فضيلة على غيرهم، لأن الجميع يقولون آمنا به. و أجابوا عن الثاني : بأن المزية ثابتة لهم بمعرفة غيره من الأحكام فهم راسخون في العلم لمعرفتهم معاني المحكم، وعملهم بما علموا، و تورعهم عن القول فيما لا يعلمون.
٣ -... أن ذلك يفضي إلى أن يتعبد بالشيء المجهول. و أجابوا عن هذا : بأن التعبد بالشيء المجهول غير ممتنع كما تعبدنا بالإيمان بالملائكة وبالرسل وإن لم نعرف جميعهم وتعبدنا بالإيمان بالكتب وإن لم نعرف ما فيها.
(٢) المحرر الوجيز ١ /٤٠٤
(٣) شرح الكوكب ١ /١٥٥-١٥٦