٥- أن المحكم ما لم يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا، والمتشابه ما احتمل من التأويل أوجها، قاله محمد بن جعفر بن الزبير وعبارته في تفسير الطبري :( منه آيات محكمات فيهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم والباطل، ليس لها تصريف ولا تحريف عما وضعت عليه، وأخر متشابهة في الصدق لهن تصريف وتحريف وتأويل ابتلى الله فيهن العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام لا يصرفن إلى الباطل ولا يحرفن عن الحق ) (١).
و هو قول ابن الأنباري (٢) و أبي الحسن الكرخي من الحنفية (٣) و أبي بكر الجصاص الحنفي (٤) و الواحدي، (٥) وابن عطية (٦)، وقال :( إنه أحسن الأقوال ) اهـ.
٦- أن المحكم ما قام بنفسه ولم يحتج إلى استدلال، والمتشابه ما لم يقم بنفسه واحتاج إلى نظر واستدلال، وهذا القول اختاره ابن النحاس و قال :
( أحسن ما قيل في المحكمات والمتشابهات أن المحكمات ما كان قائما بنفسه، لا يحتاج أن يرجع فيه إلى غيره، و المتشابهات نحو قوله تعالى ﴿ إن الله يغفر الذنوب جميعا ﴾ يرجع فيه إلى قوله :﴿ وإني لغفار لمن تاب ﴾ وقوله :﴿ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ﴾ النساء -٤٨ و١١٦. وهذا يرجع عندي إلى القول بأن المحكم ما لم يحتمل من التأويل إلا وجها – القول الذي قبله -.
٨- هو الواضح المعنى الظاهر الدلالة، إما باعتبار نفسه أو باعتبار غيره، والمتشابه ما لم يتضح معناه لا باعتبار نفسه ولا باعتبار غيره. اختاره الإمام الشوكاني في تفسيره وهو قريب من القول الذي قبله. فهذه الأقوال الثلاثة الأخيرة هكذا عدها حماعة من العلماء ومن تأملها علم أنها ترجع إلى قول واحد لكن القولين الأخيرين فيهما زيادة إيضاح.
(٢) الوسيط للواحدي ١ / ٤١٣
(٣) حكاه عنه أبو بكر الجصاص ينظر : أصول الفقه للجصاص ١ / ٢٠٥
(٤) المصدر السابق
(٥) الوسيط ١ / ٤١٣
(٦) تفسير ابن عطية ١ / ٤٠٣