عوَّل المستشرقون كثيراً على الفروق بين المكي والمدني، حتى قالوا إنها تدل على وجود قرآن مكي، وآخر مدني تنقطع الصلة بينهما، من حيث الأسلوب والمضمون، وهو ما رَوّجَ له بلاشير في كتابه ((المدخل إلى القرآن))(١)، وهو ما يعني عندهم تأثر القرآن الكريم بالبيئتين المكية والمدنية، وما بينهما من تفاوت ظاهر (٢)، الأمر الذي يدل بزعمهم على بشرية القرآن، وهي الفرية التي ما فتئ المستشرقون حولها يدندنون.
الأسلوب خصائص وشبه:
يرى المستشرقون أن البيئة المكية كانت بيئة أمية، مغلقة، فناسب أن تأتي السور قصيرة، وكذا الآيات، في حين أن المدينة كانت متحضرة بسبب وجود اليهود فناسب أن تأتي السور المدنية طويلة وكذا آياتها (٣).
هذا الطرح محل نظر من حيث الدليل والمدلول، أما الدليل فإنه لا يُسَلَّم لهم على إطلاقه، فإنا لا ننكر وجود سور مكية قصيرة، مثل قريش، والفيل، والكافرون، والمسد، والعصر، كما نقر بوجود سور مدنية طويلة، وكذا آياتها مثل البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال.
(٢) المرجع السابق، ص ٥٤٥، تاريخ الشعوب الإسلامية، ص ٣٧.
(٣) قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية، ص ٤٣.