إنها مظاهر بارزة، تبدو فيها الدعوة إلى التفكر والتأمل جلية، بغية ربط المحسوس، بغير المحسوس، وإعمال العقل للوصول إلى الإيمان المنشود، وهو ما كان، وشهد له واقع الصحب الكرام.
ما كان للسور المدنية أن تخلو من هذه السِّمات التي رأيناها في السور المكية، إذا دعت الحاجة إليها، ففي السور المدنية، تشنيع على اليهود، الذين ضلوا عن علم، وأضلوا غيرهم، ولم ينتفعوا بما آتاهم الله تعالى فاستحقوا قول الله فيهم: ژ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گگ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ں ں ؟ ؟ ؟ژ [الجمعة: ٥ ]، وحذر منهم فقال تعالى: ژ ے ے ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ژ [المائدة: ٨٢].
وقال الله عز وجل في وصف المنافقين إخوان اليهود: ژ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ژ [المنافقون: ٤ ]، وغير هذا كثير بحق الطوائف التي كانت تناكف الجماعة المسلمة في المدينة، فأين المهادنة والملاينة التي زعمها المستشرقون، والتي فرضتها البيئة المتحضرة على الرسول في المدينة؟
لسنا نعني خلو السور المدنية من اللين والحوار الهادئ، بيدَ أنا نورد هذا بإزاء القول: إن القرآن المدني تأثر بالبيئة المتحضرة، وكان يجامل اليهود ويهادنهم، على عكس موقف الرسول من أهل مكة.
لقد استمر أسلوب الترهيب والترغيب في السور المدنية، فإن الحاجة تدعو إليه في مواقف كثيرة، فالزجر والتهديد والوعيد صاحب كثيراً من التشريعات؛ لأن من منهج القرآن الكريم المزاوجة بين مسألتين، توهم كثيرون أنه فرق بينهما، وهما الجمع بين التشريعات، ومسائل العقيدة، وكذا العكس، فكان يأتي التشريع في سياق عقدي إيماني، وتأتي مسائل العقيدة في بعض مظاهر التشريعات، وحسبنا دليل واحد وهو قوله تعالى في سورة مدنية على الراجح، وهي سورة المطففين حين قال: ژ ؟ ؟ * ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ * ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ * ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ * ؟ ؟ ژ [المطففين: ١ – ٥].


الصفحة التالية
Icon