تعرض الدراسة بإيجاز لمفهوم المكي والمدني، ولخصائص الأسلوب والمضمون، التي ميزت كلاًّ منهما؛ بغية أن توضع في نصابها، وتُعطى حجمها الطبيعي للحيلولة دون استغلالها من قبل المستشرقين الذين رأوا في هذه الخصائص مدخلاً ثميناً حين جعلوا كل ميزة شبهة.
لقد استخدم المستشرقون في دراستهم مناهج بحث تساعدهم، مثل المنهج الذاتي والمنهج العفوي التلقائي، وأعرضوا عن مبادئ البحث العلمي وهو ما سيظهر جلياً في هذه الدراسة الموجزة.
لقد درستُ شُبَه هؤلاء، وتصدَّى لها باحثون جادُّون، وهو ما سَهَّل المهمة علينا، فأردنا أن نضرب بسهم في هذا المجال؛ لتكون هذه الدراسة لبنة تضاف إلى لبنات تدعو الحاجة إلى كثير منها؛ بغية كَشْفِ هذه الشبهات والتحذير منها وبيان زيف هذه الفئة.
*****
كلمة في التعريف بالمكي والمدني وذكر خصائص كلّ منهما:
يحسن بنا أن نعرض ابتداءً لمفهوم المكي والمدني وبعض مسائل تتصل به؛ ليكون تمهيداً لدراستنا هذه.
تباينت وجهات نظر أهل الشأن في مفهوم المكي والمدني، فنظر إليه بعضهم من زاوية المكان، فقال: ما نزل من القرآن الكريم في مكة فهو مكي، وما نزل منه في المدينة فهو مدني (١).
وهذا التوجُّه محلُّ نظر عند أهل التحقيق؛ لأنه يُفضي إلى خروج آيات عدة من هذين الوصفين، فقد صح أن ثمة آيات نزلت في غير مكة والمدينة، فقد نزل في تبوك على سبيل المثال قول الله تعالى: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ٹ ٹ ٹ ٹ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ژ [التوبة: ٤٢ ]، وقوله تعالى: ژ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ ژ ڑ ڑ ک ک کژ [التوبة: ٦٥ ]، وغير هذا ليس بالقليل.