بيد أن هذا لا يعني أن السور المكية خَلَتْ مما له صلة بالأحكام والتشريعات، إن هذا لم يكن بحال بل إن المتأمل في هذه السور يجد أصولاً كثيرة للأحكام التي فُصِّلت في السور المدنية.
لقد وضعت السور المكية أصل تشريع الزكاة في آيات كثيرة، منها ما كان يتحدث عن الإنفاق العام، ومنها ما نص على الزكاة بخاصة، كقوله تعالى في سورة فصلت المكية: ژ چ چ چ چ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ * ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ ژ [فصلت: ٦ - ٧ ]، ثم فصلت مقاديرها في السور المدنية.
وتحدثت السور المكية عن الشورى قبل قيام الدولة فقال الله تعالى في سورة الشورى المكية: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ں ں ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [الشورى: ٣٨].
بل إننا نجد في السور المكية إشارات إلى الجهاد ومباركة له حتى قبل أن يشرع، وذلك في سورة المزمل المكية (١) في قوله تعالى وهو يخفف على المسلمين من قيام الليل فقال سبحانه: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ پ پ پ پ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ٹ ٹ ٹ ٹ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ چ چ چ چ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ ژ ڑڑ ک ک ک ک گ گ گ گ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ں ں ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ہ ہ ہ ہ ھ ژ [المزمل: ٢٠].
يطول بنا الحديث لو طفقنا نتتبع مثل هذا في السور المكية فهو جد كبير.
لا يفوتنا هنا أن ننبه أن هذه الإشارة إلى الجهاد لا تعني ما زعمه المستشرقون من أن السور المكية تضمنت شدة وقسوة، فإن الطابع العام للسور المكية في هذا المقام هو ((خلوُّها خلواً تاماً من تشريع القتال والجهاد والمخاشنة، كما خلت أيامه كلها في مكة على طولها من مقاتلة القوم بمثل ما يأتون من التنكيل والمصاولة))(٢).

(١) رُوي عن ابن عباس وعطاء وابن يسار ومقاتل أنهم استثنوا الآية الأخيرة من السورة وقالوا: إنها نزلت بالمدينة، انظر: البيان في عدّ آي القرآن (٢٥٧)، وزاد المسير (٨/٣٨٧).
(٢) مناهل العرفان، ج ١ ص ٢٠٦.


الصفحة التالية
Icon