يقول د. عدنان زرزور: ((ربما زينت هذه الفروق الأسلوبية للبعض أو دفعته إلى الظن بأن القرآن الكريم قد خضع في تأليفه لظروف البيئة التي اختلفت بين مكة والمدينة، والتي انعكس أثرها على النبي ﷺ فاختلف أسلوبه تبعاً لذلك، وهذه هي النتيجة التي يريد أن يصل إليها الملبس على الناس)) (١).
وأبهم صاحب العبارة فقال "البعض" ولم يصرح باسم المستشرقين أهو من باب التجاهل لهم؟ أم إنه يريد غيرهم من بني جلدتنا الذين ورد عنهم هذا الكلام وعلى رأسهم د. طه حسين، الذي قال: إن هناك قرآناً مكياً له أسلوب وقرآناً مدنياً له أسلوب آخر، وهو القول الذي يردده المستشرقون وفي مقدمتهم مرجليوث في كتابه ((مقدمة الشعر الجاهلي)) الذي ترجمه د. طه حسين ونسبه لنفسه تحت عنوان ((في الشعر الجاهلي))، والذي رد عليه كثير من العلماء.
لقد كان كفار قريش وهم على كفرهم، وعنادهم، وأميتهم، أكثر احتراماً لأنفسهم من هؤلاء المستشرقين الذين حفلت بهم الجامعات، والمجامع العلمية وظنوا أنهم على شيء.
لم يجرؤ أحد من كفار قريش أن ينال من أسلوب القرآن الكريم، ولم يتقدم أحد منهم للتحدي الذي ورد في السور المكية على مراحل، ففي سورة الإسراء المكية قوله تعالى: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ٹ ٹ ٹ ٹ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [الإسراء: ٨٨].
ثم تكرر هذا التحدي مرة أخرى في أول سورة مدنية، فقد جاء في سورة البقرة قوله تعالى: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ * ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟؟ ؟ ژ [البقرة: ٢٣ – ٢٤].
وفي مجيء هذا التحدي في سورة مدنية دليل قاطع على أن الأسلوب ما زال هو الأسلوب، والإعجاز ما زال هو الإعجاز، والتحدي ما زال قائماً في مكة والمدينة على حد سواء.