تتجه جهود المستشرقين في مجال الدراسات القرآنية، إلى إثبات أن القرآن الكريم من وضع النبي، محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه لا صلة له بالوحي إطلاقاً، ويتعذَّر على الباحث المحقق أن يستثني أحداً من المستشرقين من هذا المعتقد، وبخاصة الرموز منهم، ولا يدخل من أسلم منهم في حديثنا هذا. وفي هذا يقول د. السباعي: ((جمهور المستشرقين على إنكار الوحي))(١).
لا يجد الباحث صعوبة في إيراد عشرات الأسماء، للمستشرقين الذين يعتقدون هذا المعتقد، وجعلوه مقرراً سابقاً، بنيت عليه دراساتهم من أمثال الفرنسي هنري لامانس (ت ١٩٣٧م)، والألماني كارل بروكلمان (ت ١٩٧٢م)، والفرنسي رايموند شارل، والأمريكي غوستاف فون (ت ١٩٧٢م)، والفرنسي أندري ميكال، والفرنسي كازانوفا (ت ١٩٢٦م)، والفرنسي لويس ماسينيون (ت ١٩٦٢م)، وغير هؤلاء كثير يمكن الوقوف على آرائهم ومقولاتهم في مظانها (٢).
تعددت مسالك المستشرقين، في الترويج لأفكارهم، وبخاصة تلك المتصلة بمصدر القرآن الكريم كما أشرنا، وكان من بين الأبواب التي ولجها المستشرقون، باب المكي، والمدني، وهو ما يملي علينا أن نستحضر أن حديثهم عن المكي والمدني، كان حلقة في سلسلة هدفت إلى النيل من القرآن الكريم. فجاء عرضهم له كأنه وسيلة لغاية.
أغرى المستشرقين في هذا المجال وجودُ دراسات في التراث الإسلامي أقرَّ فيها أهلها أن ثمة خصائص وميزات لكل من المكي والمدني ـ سبق ذكرها ـ ترقى لأن تصبح فروقاً قائمة برأسها.
(٢) لمزيد من التوسع انظر: نبوة محمد في الفكر الاستشراقي المعاصر، ص ٢٢٠، فما بعدها، ص ٢٥٩ فما بعدها، المستشرقون، ج ٣ ص ٢٩٠ فما بعدها، آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره، ص ٢٣٩ فما بعدها.