وقد بلغ التأليف في غريب القرآن إلى قمته في كتاب المفردات للراغب الأصفهاني (ت نحو ٤١٢ هـ) وقد عده الزركشي من أحسن كتب الغريب (١)، وقال فيه الفيروز آبادي: "لا نظير له في معناه" (٢). وكتاب الراغب – كما يقول الدكتور حسن نصار – " أشبه مايكون بمعجم كامل للالفاظ القرآنية " (٣)، وقد رتبه على حروف المعجم معتبراً فيه أوائل الحروف الأصلية دون الزوائد، ولكن لم يراع ترتيب الحرف الثاني والحرف الثالث من الكلمة. ومنهجه فيه أنه يذكر أولاً المعنى الحقيقي للمادة ثم يتتبع دورانها في القرآن الكريم فيورد مشتقاتها ويبين مناسبتها بالمعنى الأصلي. وعلى الرغم من أن الراغب ذكر في المقدمة أنه استخار الله تعالى "في إملاء كتاب مستوفىً فيه مفردات ألفاظ القرآن على حروف التهجي"، أغفل ألفاظاً كثيرة لم يفسرها، نحو (زبن) أو أخل في تفسيرها، كما ذكر مواد لم ترد في القرآن الكريم نحو مادة (زعق). فألف شهاب الدين أحمد بن يوسف الشهير بالسمين الحلبي (ت ٧٥٦ هـ) كتاب (عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ) وبناه على كتاب الراغب، ثم زاد عليه زيادات كثيرة حسنة، مع إتقان الترتيب وإيراد الشواهد وجمع الأقوال (٤).
(٢) البلغة: ٩١.
(٣) المعجم العربي ١ / ٤٤
(٤) صدرت للكتاب ثلاث طبعات أولاها في إستانبول من دار السيد للنشر سنة ١٤٠٧ هـ بعناية محمود محمد السيد الدغيم، وهي طبعة مصورة من نسخة الكتاب المحفوظة في مكتبة نور عثمانية (إستانبول).