مكث الفراهي بحيدر آباد إلى سنة ١٣٣٧هـ، ثم استقال من منصبه مع رغبة المسؤولين في بقائه بـ(حيدرآباد)، وعاد إلى وطنه. وقد أشار إلى ذلك في ترجمته الذاتية الموجزة التي كتبها للدكتور تقي الدين الهلالي رحمه الله، حينما زاره في قريته في ١٧ رمضان سنة ١٣٤٢هـ قائلاً: "ولما كانت هذه المشاغل تمنعني عن التجرد لمطالعة القرآن المجيد، ولا يعجبني غيره من الكتب التي مللت النظر في أباطيلها، غير متون الحديث وما يعين على فهم القرآن، تركت الخدمة، ورجعت إلى وطني، وأنا بين خمسين وستين من عمري. فيا أسفا على عمر ضيعته في أشغال ضرها أكبر من نفعها ! ونسأل الله الخاتمة على الإيمان". (١)
بعد عودته من حيدر آباد تولى الفراهي إدارة مدرسة إصلاح المسلمين التي أنشأتها جمعية إصلاح المسلمين في بلدة (سراي مير)، وقد قامت هذه الجمعية في منطقة (أعظم جره) لإصلاح عقائد المسلمين وإزالة البدع المنتشرة وفض المنازعات والخصومات بين المسلمين، ثم أسست الجمعية مدرسة إصلاح المسلمين - التي سميت فيما بعد بمدرسة الإصلاح اختصاراً - لتخريج علماء ودعاة يحملون رسالتها، فيستمر عمل الدعوة والإصلاح. وقد أسند الإشراف على المدرسة إلى الفراهي وهو في حيدر آباد، فلما رجع إلى وطنه باشر إدارة المدرسة، ووضع فكرتها التعليمية، ورسم لها منهاجاً دراسياً فريداً يختلف عن مناهج المدارس الدينية الأخرى في نظامها، ومقرراتها الدراسية، وطريقة التدريس فيها. وفي السنوات الخمس الأخيرة من عمره قد وقف جزءاًكبيراً من وقته وجهده على خدمة هذه المدرسة فكان يقيم ثلاثة أيام من كل أسبوع في المدرسة، ويلقي دروساً لتفسير القرآن الكريم على أساتذتها وطلابها الكبار (٢).
(٢) حياة حميد: ص ٣٨.