ومن ثم لما جاءت فكرة الرد على شبهات المستشرقين وأقوالهم على القرآن الكريم وكتب بعض المسؤولين في حكومة (بهوبال) إلى العلامة شبلي النعماني رد عليه بأنه لا يوجد في الهند كلها من يستطيع أن يقوم بهذا العمل مثل حميد الدين الفراهي (١). وكتب في رسالة أخرى: " يندر في المسلمين من يجيد الكتابة في اللغة الإنجليزية (مع تبحره في القرآن) ولذلك فإن حميد الدين هو الذي يستطيع أن يقوم بهذا العمل خير قيام" (٢).
أما العلوم العقلية فدرسها الفراهي أيام طلبه إذ كانت جزءاً لازماً من نظام الدرس في عصره، ثم اهتم بالفلسفة الحديثة حينما دخل كلية عليجره، ونال فيها درجة الامتياز، وقد واصل اطلاعه على ما كتبه فلاسفة الغرب. يقول الأستاذ عبد الماجد وكان من المختصين في الفلسفة الحديثة: "إن الفراهي قد درس الفلسفة دراسة واسعة وعميقة جداً، وكان يقرأ أحدث كتب الفلسفة والمنطق، ولم يكن يكتفي بالاطلاع عليها، بل يقرؤها قراءة بحث ونقد ومقارنة" (٣). ومن هنا كان أعرف بخطرها وضررها وضلالها. وقد نبّه على ذلك في كتبه (٤)، ثم لما قرر المنهج الدراسي لمدرسة الإصلاح حذف منه كتب المنطق والفلسفة، ولم يترك إلا مبادئهما ليعرف الطالب المصطلحات المستعملة في الفنين فيتمكن من الاستفادة من كتب علماء الإسلام في أصول الفقه والكلام. وكان من أعظم كتبه التي لم يكملها كتاب حجج القرآن، والأبواب الثلاثة الأولى منه في نقد الفلسفة والمنطق وعلم الكلام، والعلماء والباحثون الذين حضروا مجالسه ومحاضراته في نقد هذه العلوم وبيان زيفها، كانوا يشبهونه بشيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك وفي تبحره في علوم القرآن.
(٢) المرجع السابق ١ : ٢٥٤.
(٣) مقالته في صحيفة الداعي، عدد ٣ ديسمبر ١٩٧٦م.
(٤) منها كتاب المفردات قال فيه: "ومضرة كتب الفلسفة أضلّ وأوغل" (ص٥).