أما العربية فكان فيها إماماً لا يشق له غبار، وكان له في كل علم منها علومها من لغة، ونحو، وبلاغة، وعروض، تحقيقات واجتهادات واستدراكات على الأئمة. ونكتفي هنا بالإشارة إلى كتابه (جمهرة البلاغة)، الذي نقض فيه الأساس الذي يقوم عليه فن البلاغة عند أرسطاطاليس، وهو نظرية المحاكاة، ويرى الفراهي أن فن البلاغة العربية تأثر بهذه النظرية، فجار عن قصد السبيل. وانتقد في ذلك الإمام عبد القاهر الجرجاني مع اعترافه بجلالته، ودعا إلى تأسيس فن البلاغة على أسس منبثقة من القرآن الكريم وكلام العرب الأقحاح.
ولما أرسل الفراهي فصولاً من جمهرة البلاغة إلى العلامة شبلي النعماني أعجب به إعجاباً جعله يلخص مباحثه المهمة وبخاصة نقده لنظرية المحاكاة في مجلة الندوة التي كان يصدرها باللغة الأردية، مع أن النعماني نفسه يعدّ من أشهر النقّاد والكتّاب ومن الأركان الخمسة للأدب الأردي. وقد نشر الكتاب بعد وفاة المؤلف، ونفد قبل أن يصل إلى البلاد العربية ليأخذ مكانه من البحث والنقاش، فهو كتاب فريد في تاريخ البلاغة العربية.
وللفراهي ديوان شعر لطيف في العربية، طبع سنة ١٣٨٧هـ، وقد ذكره الدكتور تقي الدين الهلالي رحمه الله فقال في مذكراته: "وللشيخ المذكور ديوان شعر، سمعته منه، بليغ مؤثر في استنهاض همم المسلمين وبث الحياة في قلوبهم، وذكر عداء الإفرنج لهم، وذكر حرب طرابلس والحرب الكبرى، والرجل فصيح في التكلم لغاية... " (١). أما أسلوبه في الكتابة فيشبه أسلوب الأقدمين في الجزالة والرصانة والإيجاز والإشراق.