أما العلوم الشرعية فتشهد بطول باعه فيها الفصول التي سوّدها من كتبه: الرائع في أصول الشرائع، وإحكام الأصول بأحكام الرسول، وفقه القرآن، وكان ينوي تدوين فن أصول الفقه على نحو جديد بعد تخليصه مما اختلط به من مباحث الفنون الأخرى. وله تعليقات على كتب الحديث والفقه والأصول وغير ذلك، ولكن العلم الذي استحوذ على عقله وقلبه، فأقبل عليه إقبالاً منقطع النظير هو علم القرآن. وكل ما درسه من علوم المنقول والمعقول وآداب الأمم وفلسفتها سخره لخدمة القرآن الكريم والمنافحة عنه. وقد شرع في تدبر القرآن الكريم أيام طلبه في كلية عليجره، كما ذكر في فاتحة نظام القرآن، وكان كتاب الله أحب الكتب إليه، والنظر فيه ألذ من كل مافي الدنيا (١).
وكان يعكف كل يوم بعد قيام الليل على تدبر القرآن الكريم، ويستمر على ذلك بعد صلاة الفجر إلى الساعة التاسعة صباحاً، وظل ذلك دأبه أكثر من ثلاثين سنة. ولما استقال من عمادة دار العلوم بحيدرآباد صار يقضي معظم وقته في تدبر القرآن والتأليف فيه.
فحاز السبق في علم القرآن وفتح الله عليه من علومه ماشاء، وبلغ في ذلك شأواً لم يبلغه إلا قليل من أهل العلم، فلقبه معاصروه بترجمان القرآن. وقد ألف في تفسير القرآن وعلومه بضعة عشر كتاباً أجّلها تفسيره (نظام القرآن وتأويل الفرقان بالفرقان) الذي صدر منه أحد عشر جزءاً في حياته وجزءان بعد وفاته. ولعله لم يشرع في التفسير من أوله إلا في آخر حياته فوافاه الأجل وهو في تفسير الآيات (٤٧-٦٢) من سورة البقرة.
وله منهج فريد في التفسير أفاض القول في بيان أصوله في مقدمة التفسير (فاتحة نظام القرآن) وكتابه دلائل النظام، وأبانت عنه أجزاء التفسير المذكورة.