أما العنوان الأول (روابط الكتب الخمسة) فليس من أصل الكتاب، ولكن لما كان هذا الكتاب أول "الكتب المتعلقة بلسان القرآن من حيث دلالته على معانيه"، وهي ثلاثة: مفردات القرآن، و أساليب القرآن، وأصول التأويل ؛ كتب عنها المؤلف هذا الفصل على غلاف مسودة المفردات، وأشار فيه إلى موضوعات هذه الكتب وعلاقة بعضها ببعض. ثم ذكر أنه وضع كتابين: تاريخ القرآن، ودلائل النظام "لدفع الظنون التي بنيت على الأوهام الناشئة عن قلة النظر والتأمل في روايات جمع القرآن ومواقع تنزيلها. فهي خمسة كتب في فهم ظاهر القرآن وتليها سبعة كتب في علوم القرآن وأولها كتاب الحكمة". وقد تكلم على الكتب السبعة في أول كتاب الحكمة، كما تكلم على الكتب الخمسة في أول كتاب المفردات.
في خطبة الكتاب ذكر المؤلف سبب تأليفه ونوع الألفاظ التي سيفسرها فيه، فصرح بأنه لن يفسر "في هذا الكتاب من الألفاظ إلا ما يقتضي بياناً وإيضاحاً... وأما عامة الكلمات فلم نتعرض لها وكتب اللغة والأدب كافلة به".
تلي خطبة الكتاب ثلاث مقدمات: الأولى في مقصد الكتاب والحاجة إليه، والثانية "في الأصول اللسانية"، ذكر فيها مواضع الوهم من الكلمة، وقسمها إلى أربعة أقسام: المشكلة، والمشتركة، والجامعة، والمرادفة. ثم شرح كل قسم بذكر أمثلته مع الدلالة على ما يعين على فهم معناها. ومن ذلك قوله في المرادفة: "ثم المرادفة بغيرها، وهي قسمان: المطابق لمرادفه من جميع الوجوه، وهذا قليل جداً. والثاني ما يوافقه من بعض الوجوه، وهذا كثير جداً، وفيه معظم الوهم. فربما يظنونهما متحدتين، وكثيراً مايكون بينهما فرق لطيف لا يفطن له غير الممارس باللسان. ومن أنفع شيء في هذا الباب معرفة تفسير الصحابة والتابعين، فإنهم كثيراً ما فسّروا كلمة بمرادفها حسبما أريد في موضع خاص، وظن المتأخرون أنهما متحدتان ومتطابقتان من جميع الوجوه، فأخطأوا صحيح معنى الكلمة ".


الصفحة التالية
Icon