أما المقدمة الثالثة فهي "في كون القرآن خالياً عن الغريب"، أثبت فيه المؤلف أن القرآن ليس فيه ألفاظ حوشية غريبة، وبين أن العلماء الذين صنفوا في غريب القرآن قصدوا غرابة بعض ألفاظه بالنسبة للأعاجم ومن قلّ علمه بالعربية، ثم ذكر أسباباً أخرى لاعتقاد الناس بوجود الغريب في القرآن وردّ عليها.
بعد هذه المقدمات وما ألحق بها من الفصول الناقصة التي أشرنا إليها من قبل، شرع المؤلف في تفسير الألفاظ وهي ٧٨ كلمة أولها لفظ (الآلاء) وآخرها لفظ (يثرب). وقد رتبت الألفاظ على حروف الهجاء دون النظر إلى أصولها.
(٣) منهج المؤلف في تفسير الألفاظ :
قد يكون من التجوز أن نتحدث عن منهج المؤلف في تفسير المفردات القرآنية، فإن الكتاب لم يكمل، ولم يتمكن المؤلف من تحرير المادة التي قيدها في أوقات مختلفة لإعداد كتابه، ولا أعاد النظر فيها، فلا يمكننا أن نجزم مثلاً بأن هذه الكلمة أو تلك قد ظفرت من جهد المؤلف في البحث فيها والاستدلال على ما ذهب إليه واستيعاب وجوه الكلام فيها بما كان يتوخاه ويتطلع إليه، فنخشى - إن فعلنا ذلك - أن نكون قد ظلمنا الكتاب ومؤلفه. ومع ذلك لا بأس بالتنويه بالسمات البارزة لمنهجه في معالجة المفردات القرآنية في ضوء ما فسّره في هذا الكتاب، وبعض الأصول التي ذكرها في كتبه الأخرى.
١- أبرز سمات الكتاب أصالته، وتلك سمة عامة لمؤلفات العلامة الفراهي. فهو لا يقتصر في تحقيق الألفاظ القرآنية على ما ورد في كتب التفسير واللغة، بل يرجع بالكلمة إلى المصادر الأولى. وقد صرح بذلك في مقدمة تفسيره عندما ذكر مصادره فقال: " فأما في سائر الألفاظ فالمأخذ فيه كلام العرب القديم والقرآن نفسه (١).

(١) فاتحة نظام القرآن ص ١٢.


الصفحة التالية
Icon