والمؤلف ينوّه بأهمية الشعر الجاهلي وممارسته وللوقوف على دلالة الكلمة إبان نزول القرآن الكريم، ولم يذهب عليه أن جزءاً من هذا الشعر منحول، ولكن لا يصعب التمييز عنده " بين المنحول والصحيح على الماهر الناقد، فينبغي لنا ألا نأخذ معنى القرآن إلا مما ثبت ". (١)
وقد حرص المؤلف على اقتناء كل ما صدر في عهده من دواوين الشعر الجاهلي، ودارسها مدارسة دقيقة، وقيد على طررها إشاراته وتعليقاته. وبتدبره المتصل في القرآن الكريم وممارسته الطويلة للشعر الجاهلي توصل في تحقيق بعض الألفاظ إلى نتائج تختلف شيئاًما عما ورد في كتب اللغة والتفسير. انظر مثلاً تفسيره للألفاظ الآتية: الآلاء، الحرد، الأحوى، العصر.
وقد كثرت الشواهد الشعرية في كتاب المفردات وزاد عددها على مائة شاهد. وميزة هذه الشواهد أنها جميعاً منسوبة إلاّ ما ندر، وأن معظمها للشعراء الجاهليين أو المخضرمين، وأن عدداً كبيراً منها شواهد جديدة لم ترد في مظانها من كتب التفسير والغريب.
ولكن لا يعني ذلك أن المؤلف يتبع في تفسير كل كلمة منهجاً واحداً، وهو أن ينظر أولاً في استعمالاته في القرآن، ثم يستشهد بكلام العرب لا محالة. فإن نوع الإشكال في الكلمة هو الذي يحدّد طريقة معالجتها.
وقد استشهد المؤلف في عدة مواضع بالأحاديث أيضاً منها:
- اتّقوا النار ولو بشق تمرة (الاتقاء، ص١٩).
- لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داوود (الآل، ص١٣).
- إن رأسه حبك حبك (حبك، ص٣٣).
- ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً (الصغو، ص٥١).
٢- أشار في تذكرة له في مفردات القرآن إلى بعض أصول منهجه فقال: "إذا اشتبه المعنى فطريق التوضيح تتبع استعمال لفظه، كما فعلنا بلفظ (عصر) و (آلاء)، والنظر في أصله واستعماله في أخوات العربية كالعبرانية والسريانية" (٢).

(١) المرجع السابق.
(٢) مفردات القرآن: ص ٩.


الصفحة التالية
Icon