وقد استفاد المؤلف بمعرفته للغة العبرانية في تحقيق بعض الألفاظ التي هي من المواد المشتركة بين العربية وأخواتها، وردّ على المستشرقين الذين زعموا أنها ألفاظ غير عربية أخذها القرآن من اليهود والنصارى. انظر مثلاً تحقيقه لكلمة (الأبّ) و (السفرة) و (الدرس) و (الصلاة).
٣- من أصوله أيضاً عدم الالتفات إلى المعنى الشاذ. يقول في ذلك: "يجب أن نترك المعنى الشاذ الذي لم يثبت في اللغة" (١)، ومن أمثلة ذلك تفسير كلمة (العجَل) في قوله تعالى: ﴿ خلق الإنسان من عجل ﴾ (الأنبياء : ٣٧) بالطين والحمأة، فإنه لم يثبت هذا المعنى في اللغة. (٢)
وهذا هو الأصل الثاني من الأصول الأولية للتأويل عند المؤلف.
٤- وقد ذكر المؤلف من الأصول المرجحة للتأويل "الأخذ بأثبت الوجوه لغة"، فقال في كتاب التكميل: "المعنى الذي كثر في كلام العرب لا ينبغي تركه إلاّ لصارف قوي، فإذا تساوى الوجوه الأخر وهي النظم والموافقة بباقي القرآن وصريح العقائد فلا بد أن نأخذ المعنى الشائع... ومن أمثلته (وانحر) في قوله تعالى: (فصل لربك وانحر)، فقالوا: أمر بوضع اليد على النحر... ومناسبة ذلك بالصلاة لا يغرّنّ أحداً، فإن الأمر بالأضحية أحسن مناسبة وأوسع...". (٣)
٥- يلحظ المتدبر في القرآن الكريم أن بعض المعاني يرد فيه في مواضع مختلفة مقروناً بمعانٍ مختلفة، نحو (الصلاة)، فإنها تقترن كثيراً بالزكاة، وأحياناً بالصبر، وتارةً بالإيمان، وأخرى بالنحر وهكذا. ويدلّ ذلك على أن الصلاة ذات جهات، فهي ترتبط بالزكاة من جهة، وبالصبر من جهة، وبالإيمان من جهة.
(٢) انظر مفردات الراغب: ٥٤٨، والتكميل في أصول التأويل: ٥٢.
(٣) المرجع السابق: ٦٢. وانظر في وجوه المناسبة بين الصلاة والنحر تفسير سورة الكوثر للمؤلف: ١٦-٣٠.