وكذلك (الصبر) قرِن في كتاب الله بالصلاة، والشكر، والمرحمة، والحق، والصدق، فالصبر له صلة بكل من هذه الأمور باعتبارات مختلفة. وكان من منهج الفراهي في كتاب المفردات ذكر جهات اللفظ هذه بالنظر في سياقاته في القرآن الكريم، حتى لا يتعرض لها في تفسيره إلاّ بقدر الحاجة، كما فعل في تفسير سورة الكوثر، فإنه لما تكلّم على المناسبة بين الصلاة والنحر قال: "اعلم أن للصلاة والنحر وجوهاً كثيرة دلّنا القرآن عليها، ولاحاجة إلى استقصاء الوجوه ههنا، وتجدها في كتاب المفردات، وإنما نذكر الآن ههنا ما يدل على المناسبة بينهما" (١).
لا توجد كلمة النحر في المفردات، أما الصلاة، فقد ذكر فيه بعد تأصيلها لغوياً اثني عشر وجهاً من وجوهها بعنوان "جهات الصلاة"، منها أن الصلاة إقرار بالتوحيد، وأنها ذكر لعهدنا بالعبودية الخالصة لله، وأنها شكر لربنا، وأنها رجوع إلى الرب، وأنها تقرّب وحضور. وقد شرح كل هذه الجهات مستدلاً بالآيات الكريمة. (٢)
ومن الألفاظ التي ذكر المؤلف وجوهها في المفردات كلمة (الإسلام)، فقال: "معناه ظاهر وبيّن، وهو الطاعة والخضوع، ولكن القرآن رفع هذه الكلمة، فخصّها بطاعة الله مثل كلمة (الدين)، فإنه الطاعة في أصل اللغة، وقد استعمله العرب لطاعة الله. ثم لهذا المعنى البيّن وجوه ونتائج وتاريخ. والقرآن دلّ على كل ذلك، فنذكر ما يتعلق بهذه الكلمة من وجوهها...." (٣). وكذلك ذكر بعض جهات الزكاة (٤).
(٤) القيمة العلمية للكتاب :
(٢) المفردات: ٥٢-٥٤.
(٣) مفردات القرآن: ٢٢.
(٤) مفردات القرآن: ٤١،