فكلمة الآلاء عند الفراهي تشمل في أصلها عجائب لطف الله تعالى وبطشه وقدرته، وليست النعمة إلا وجهاً واحداً من وجوه معناها، وقد غلب هذا الوجه على الكلمة فيما بعد لأن غالب أفعال الله تعالى من الرحمة والنعمة.
وقد استدل المؤلف على ما ذهب إليه بالقرآن الكريم وكلام العرب، فقال: "أما القرآن فقوله تعالى ﴿ فبأي آلاء ربك تتمارى*هذا نذير من النذر الأولى ﴾ (النجم ٥٥ – ٥٦) بعد ذكر إهلاك الأقوام، وهكذا في سورة الرحمن ". الآية المذكورة من سورة النجم، وسبقها ذكر إهلاك الأمم في خمس آيات وهي قوله تعالى: ﴿ وأنه أهلك عاداً الأولى*وثمود فما أبقى* وقوم نوحٍ من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى* والمؤتفكة أهوى*فغشّاها ماغشّى ﴾ (النجم ٥٠ - ٥٤) ووجه الاستدلال بها واضح لا غموض فيه. فإن قيل إن كلمة الآلاء في الآية المذكورة تشير إلى ماقبل الآيات السابقة أيضاً، وهو قوله تعالى: ﴿ وأنه هو أضحك وأبكى* وأنه هو أمات وأحيا*وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى*من نطفة إذا تمنى*وأن عليه النشأة الأخرى*وأنه هو أغنى وأقنى
{ وأنه هو ربُّ الشّعرى ﴾ (النجم٤٣-٤٩) فذلك وجه، وهذه الآيات أيضاً تؤيد قول المؤلف رحمه الله.
أما في سورة الرحمن فجاءت كلمة الآلاء في خلال ذكر يوم القيامة وعذاب جهنم في الآيات (٣٣ - ٤٥) آخرها قوله تعالى: ﴿ هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون... تكذبان ﴾. ولما أشكل مجيء الآية في هذا الموضع أوّلوها بأنه "لما كان إنذاره لهم عن عذابه وبأسه مما يزجرهم عما هم فيه من الشرك والمعاصي وغير ذلك قال ممتناً بذلك على بريته". (١)