وقد فطن بعض أهل التفسير قديماً بأن هذه الكلمة ليست في الأصل بمعنى النعمة، فروى الإمام الطبري عن ابن زيد أنه قال: "الآلاء: القدرة" (١). والغريب أن الطبري رحمه الله أورد هذا القول ضمن الروايات التي احتج بها على معنى النعم، ثم التزم تفسيرها بالنعم في جميع المواضع إلا واحداً، وهو بعد قوله تعالى في سورة الرحمن: ﴿ فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ﴾ (الرحمن: ٣٧.)، فقال في تفسيرها: "يقول تعالى ذكره: فبأي قدرة ربكما معشر الجن والإنس على ما أخبركم بأنه فاعل بكم تكذبان؟" وواضح هنا أن الطبري رحمه الله لاحظ أن معنى النعم لا يستقيم في هذه الآية، ففسّرها بالقدرة.
وقد تساءل العلامة فخر الدين الرازي مرة بعد أخرى في تفسير الآية إذا جاءت بعد ذكر عجائب خلق الله وقدرته ثم أجاب من وجوه منها: "أن الآية مذكورة لبيان القدرة لا لبيان النعمة" (٢). وقال في موضع آخر: "وفي الجواب قولان... الثاني أن نقول: هذه بيان عجائب الله تعالى لا بيان النعم" (٣).
أما كلام العرب فاستدل المؤلف بثمانية شواهد منها قول طرفة بن العبد يمدح الحارث بن همام بن مرة رئيس بني بكر:

كاملٍ يحمل آلاء الفتى نبَهٍ سيد سادات خِضَم (٤)
...
ومنها قول الأجدع الهمداني يصف فرسه:
ورضيتُ آلاء الكميت فمن يُبِع فرساً فليس جوادنا بمباع (٥)
(١) تفسير الطبري ١٢٤: ٢٧.
(٢) مفاتيح الغيب ٩٩: ٢٩.
(٣) مفاتيح الغيب ١٠٣: ٢٩.
(٤) ديوانه: ١١٠.
(٥) الأصمعيات: ٦٩.


الصفحة التالية
Icon