لا يخلو كتاب –مهما أحكم صنعه وأتقن تأليفه- من خطأ أو سهو أو خلل، فكلّما نظر فيه مؤلّفه بدا له الحذف والزيادة، والتغيير والتبديل، والتقديم والتأخير. وربّما رأى عند تأليف كتابه رأياً كان يزعم أنه هو الرأي المبرم، فإذا به عندما يعيد النظر فيه ينقضه نقضاً. فكيف بكتاب لم يكتب له التأليف أصلاً، وإنما هي فصول متفرقة، وكلمات مقتضبة، قيّدت في أزمنة مختلفة، ليعاد إليها، فيؤلّف منها كتاب. وأشير هنا إلى بعض ما وقع في هذا الكتاب من ضروب الوهم والسهو:
١- قال المؤلف في تفسير كلمة (الضريع) (١) :"يا بس العِشرِق" واستشهد بقول قيس بن عَيزارة الهذلي:

وحُبِسن في هزم االضريع فكلُّها حدباءُ باديةُ الضلوع حَرودُ
والصواب أن الضريع: يابس الشبرق، والظاهر أن المؤلف اعتمد في ما قال على شرح أشعار الهذليين للسكري، الذي ورد فيه في شرح البيت المذكور: "الضريع: يابس العشرق، وقالوا: الشبرق" (٢). ولاشك أن الذي قالوه هو الصواب (٣). أما كونه يابس العشرق فلم أجد ما يؤيده، وأراه وهماً محضاً.
٢- قال في تفسير كلمة (الصلاة) –وهو يذكر معناها في أخوات العربية– إنها "في العبرانية بمعنى الصلاة والركوع" (٤). وذلك تجوّز، فإن الصلاة بهذا المعنى من الألفاظ الآرامية التي وردت في العهد القديم (٥). أما العبرانية فالكلمة الشائعة فيها بمعنى الصلاة والدعاء والتضرع هي (تِفِلاَّ). انظر مثلاً: الملوك الأول ٣٣: ٨، الثاني ١٧: ٦، عزرا ١: ١٠.
٣- استشهد المؤلف في تفسير كلمة (العصر) بقول عَبِيد بن الأبرص: (٦)
فذاك عصرٌ وقد أراني يحملني بازلٌ شبوبُ
كذا أورد البيت، والصواب في رواية الشطر الثاني:
(١) مفردات القرآن.
(٢) شرح أشعار الهذليين: ٥٩٨.
(٣) انظر تفسير الطبري ١٦١: ٣٠ و لسان العرب (ضرع-شبرق)، وكتاب الصيدنة في الطب للبيروني: ٢٥١.
(٤) مفردات القرآن: ٥٢.
(٥) انظر جزينيوس: ١١٠٩.
(٦) مفردات القرآن: ٥٦.


الصفحة التالية
Icon