فلان طيب الحلق وإنما ذلك إشارة إلى الصوت لا إلى الحلق نفسه، وقوله عزوجل (لاجرم) قيل إن " لا " يتناول محذوفا نحو " لا " في قوله: (لا أقسم) وفى قول الشاعر: * لا وأبيك ابنة العامري * ومعنى جرم كسب أو جنى (وأن لهم النار) في موضع المفعول كأنه قال كسب لنفسه النار، وقيل جرم وجرم بمعنى لكن خص بهذا الموضع جرم كما خص عمر بالقسم وإن كان عمر وعمر بمعنى ومعناه ليس بجرم أن لهم النار تنبيها أنهم اكتسبوها بما ارتكبوه إشارة إلى نحو قوله (ومن أساء فعليها) وقد قيل في ذلك أقوال أكثرها ليس بمرتضى عند التحقيق وعلى ذلك قوله عزوجل (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون.
لاجرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون) وقال تعالى: (لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون).
جرى: الجرى المر السريع وأصله كمر الماء ولما يجرى بجريه، يقال جرى يجرى جرية وجريا وجريانا قال عزوجل: (وهذه
الانهار تجرى من تحتي) وقال تعالى: (جنات عدن تجرى من تحتها الانهار) قال (ولتجرى الفلك) وقال تعالى: (فيها عين جارية) وقال: (إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية) أي في السفينة التى تجرى في البحر وجمعها جوار قال عزوجل (الجوار المنشآت) وقال تعالى (ومن آياته الجوار في البحر كالاعلام) ويقال للحوصلة جرية إما لانتهاء الطعام إليها في جريه أو لانها مجرى للطعام.
والاجريا العادة التى يجرى عليها الانسان والجرى الوكيل والرسول الجارى في الامر وهو أخص من لفظ الرسول والوكيل وقد جريت جريا وقوله عليه السلام " لا يستجرينكم الشيطان " يصح أن يدعى فيه معنى الاصل أي لا يحملنكم أن تجروا في ائتماره وطاعته ويصح أن تجعله من الجرى أي الرسول والوكيل ومعناه لا تتولوا وكالة الشيطان ورسالته وذلك إشارة إلى نحو قوله عز وجل (فقاتلوا أولياء الشيطان) وقال عزوجل (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه).
جزع: قال تعالى (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا) الجزع أبلغ من الحزن فإن الحزن عام والجزع هو حزن يصرف الانسان عما هو
بصدده ويقطعه عنه، وأصل الجزع قطع الحبل من نصفه يقال جزعته فانجزع ولتصور الانقطاع منه قيل جزع الوادي لمنقطعه، ولانقطاع اللون بتغيره قيل للخرز المتلون جزع وعنه استعير قولهم لحم مجزع إذا كان ذا لونين، وقيل للبسرة إذا بلغ الارطاب نصفها مجزعة، والجازع خشبة تجعل في وسط البيت فتلقى عليها رؤوس الخشب من الجانبين وكأنما سمى