وأن يعلم علمًا يقينًا أنَّه لا يمكن أن يَرِدَ شيءٌ يناقض خبر الله وخبر رسوله، وأنَّ كلَّ ما عارض ذلك ونافاه من أيِّ علم كان، فإنَّه باطل في نفسه وباطل في حكمه، وأنَّه محالٌ أن يرد علم صحيح يناقض ما أخبر الله به، وتدل أكبر دلالة أنَّ من بنى عقيدته على مجرد خبر الله وخبر رسوله فقد بناها على أساسٍ متين، بل على أصل الأصول كلها، ولو فرض وقدِّر معارضة أيِّ معارضٍ كان، فكيف والأدلة العقلية والفطرية والأفقية والنفسية كلُّها تؤيد خبر الله وخبر رسله وتشهد بصدق ذلك ومنفعته، ولهذا مدح الله خواص خلقه وأولي الألباب منهم حيث بنوا إيمانهم على هذا الأصل في قولهم: ﴿ربَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا﴾ [آل عمران: ١٩٣]، ﴿وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٥]، ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر: ١٨].
وعُلِمَ من ذلك أن ابتداع أهل الكلام الباطل لأقوال وعقائد ما أنزل الله عليها من سلطان، ولم تُبْنَ على الكتاب والسنة، بل على عقول قد عُلم خطأ أصحابها وضلالهم، أنه من أبطل الباطل وأسفه السفه، حيث رغبوا عن خبر الله وخبر رسله إلى حيث سوَّلت لهم نفوسهم الأمارة بالسوء، ودعتهم عقولهم التي لم تَتَزكَّ بحقائق الإيمان، ولا تغذت بالإيمان الصحيح واليقين الراسخ.
يكفي هذا الأصل في ردَّ جميع أقوال أهل الزيغ بقطع النظر عن معرفة بطلانها على وجه التفصيل، لأنه متى علمنا مخالفتها للقواطع الشرعية والبراهين السمعية علمنا بطلانها، لأن كل ما نافى الحق فهو باطل، وما خالف الصدق فهو كذب.
شرح أسماء الله الحسنى الواردة في القرآن
على وجه الإيجاز غير المُخِلِّ


الصفحة التالية
Icon