فالعزيز الذي له جميع معاني العزة، ﴿إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا﴾ [يونس: ٦٥] فهو العزيز لكمال قوته وهذه عزة القوة، ويرجع إلى هذا المعنى القويُّ المتينُ. وعزة الامتناع عن مغالبة أحد، وعن أن يقدر عليه أحد، أو يبلغ العباد ضرّه فيضرّوه، أو نفعه فينفعوه، وامتناعه وتكبره عن جميع ما لا يليق بعظمته وجلاله من العيوب والنقائص، وعن كلِّ ما ينافي كماله، ويرجع إليها معنى المتكبر مع أنَّ المتكبر اسم دالٌ على كمال العظمة ونهاية الكبرياء، مع دلالته على المعنى المذكور وهو تكبره وتنزُّهه عمَّا لا يليق بعظمته ومجده وجلاله.
المعنى الثالث عزة القهر، الدال عليها اسم القهار الذي قهر بقدرته جميع المخلوقات، ودانت له جميع الكائنات، فنواصي العباد كلِّهم بيده، وتصاريف الملك وتدبيراته بيده، والملك بيده، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.
فالعالم العلوي والعالم السفلي بما فيها من المخلوقات العظيمة كلُّها قد خضعت في حركاتها وسكناتها، وما تأتي وما تذر لمليكها ومدبِّرها، فليس لها من الأمر شيء، ولا من الحكم شيء، بل الأمر كلُّه لله، والحكم الشرعي والقدري والجزائي كلُّه لله، لا حاكم إلا هو، ولا رب غيره، ولا إله سواه.
والعزة بمعنى القهر هي أحد معاني الجبار، ومن معاني الجبار أنَّه العلي الأعلى، الذي على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، وعلى السلطان وأنواع التصاريف استولى.
ومن معاني الجبار معنى يرجع إلى لطف الرحمة والرأفة، وهو الذي يجبر الكسير، ويغني الفقير، ويجبر المريض والمبتلى، ويجبر جبرًا خاصًا لقلوب المنكسرين لجلاله، الخاضعين لكماله، الراجين لفضله ونواله بما يفيضه على قلوبهم من المحبة وأنواع المعارف الربانية، والفتوحات الإلهية والهداية والإرشاد والتوفيق والسداد.
المَلِك المالك للمُلك


الصفحة التالية
Icon