أي الذي له جميع النعوت العظيمة الشأن، التي تفرَّد بها ملك الملوك، من كمال القوة والعزة والقدرة، والعلم المحيط والحكمة الواسعة ونفوذ المشيئة، وكمال التصرف وكمال الرأفة والرحمة، والحكم العام للعالم العلوي والعالم السفلي، والحكم العام في الدنيا والآخرة، والحكم العام للأحكام الثلاثة التي لا تخرج عنها جميع الموجودات:
١- الأحكام القدرية حيث جرت الأقدار كلُّها والإيجاد والإعدام، والإحياء والإماتة، والإيجاد والإعداد والإمداد كلُّها على مقتضى قضائه وقدرِه.
٢- والأحكام الشرعية حيث أرسل رسله، وأنزل كتبه، وشرع شرائعه، وخلق الخلق لهذا الحكم، وأمرهم أن يمشوا على حكمه في عقائدهم وأخلاقهم، وأقوالهم وأفعالهم، وظاهرهم وباطنهم، ونهاهم عن مجاوزة هذا الحكم الشرعي، كما أخبرهم أنَّ كلَّ حكم يناقض حكمه فهو شرٌّ جاهليٌ من أحكام الطاغوت.
٣- والأحكام الجزائية، وهو الجزاء على الأعمال خيرها وشرها في الدنيا والآخرة، وإثابةُ الطائعين، وعقوبةُ العاصين، وتلك الأحكام كلُّها تابعةٌ لعدله وحكمته وحمده العام، فهذه النعوت كلها من معاني ملكه.
ومن معاني ملكه: أنَّ جميع الموجودات كلِّها ملكُه وعبيده المفتقرون إليه، المضطرون إليه في جميع شؤونهم، ليس لأحد خروج عن ملكه، ولا لمخلوق غنًى عن إيجاده وإمداده، ونفعه ودفعه.
ومن معاني ملكه: إنزالُ كتبه، وإرسال رسله، وهداية العالمين، وإرشاد الضالين، وإقامة الحجة والمعذرة على المعاندين المكابرين، ووضع الثواب والعقاب مواضعها، وتنزيل الأمور منازلها.
كما أنَّ من معاني ملكه: أنَّه كلَّ يوم في شأن يغفر ذنبًا، ويفرّج كربًا، ويكشف غمًّا، ويزيل المشقَّات، ويغيث اللهفات، ويجبر الكسير، ويغني الفقير، ويهدي ضالاً، ويخذل معرضًا موليًا، ويعزُّ قومًا، ويذل آخرين، ويرفع قومًا، ويضع آخرين، ويغيِّر ما شاء من الأمور الجارية على نظام واحد، ليعرف العباد كمال ملكه، ونفوذ مشيئته وعظمة سلطانه.