وقد خدمه فضيلة الدكتور عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر، الأستاذ في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوَّرة، وذلك بمقابلته على أصوله، وتصحيح عباراته، وعزو آياته، وتخريج أحاديثه، ووضع فهارسه، وغير ذلك مما زاده وضوحًا وقرب فوائده.
فجزاه الله خيرًا على ما خدم به هذا المؤلف الجليل وأثابه على ذلك.
وعلى كُلٍّ فمخبر الكتاب يفوق منظره وما رآءٍ كمن سمع، وإني أحث إخواني وأبنائي الطلاب على دراسته والنهل من معينه، فإن صلاح نية مؤلفه وإخلاصه -ولا نزكي على الله أحدًا- لها دخل كبير في حصول الفائدة وقرب الانتفاع وبالله التوفيق.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنزل كتابه هدى للعالمين، وتبصرة للمتقين، ومحجة للسالكين، بلسان عربي مبين، القائل سبحانه ﴿إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾. [الإسراء: ٩].
أما بعد: فإن القرآن الكريم كلام رب العالمين هو أعظم أبواب الهداية وأجلُّ سبل الفلاح. أنزله الله على عباده هدى ورحمة وبشرى، وضياء ونورًا، وذكرى للذاكرين، جمع فيه سبحانه العلوم النافعة والمعاني الجليلة الكاملة، والترغيب والترهيب، والأصول والفروع، والوسائل والمقاصد، والعلوم الدينية والدنيوية والأخروية، وجعله مرشدًا للعبد إلى كلِّ طريق نافع وسبيل قويم، يفرقون به الحق والباطل، والهدى والضلال، والخير والشر، ويهديهم إلى أقوم الأمور وأرشدها وأنفعها في كلِّ شيء في العقائد والعبادات والآداب، ويرشدهم إلى كلِّ صلاح وفلاح ديني ودنيوي بحيث تقوم بها أمورهم، وتزكو نفوسهم، وتعتدل أحوالهم، ويستقيم طريقهم، ويحصل لهم الكمال المتنوع من كلِّ وجه، فهو كتاب علم وتعليم تزول به الضلالات المتفرقة والجهالاتِ المتنوعة، وكتاب تربية وتأديب تتحقق به الأخلاق الفاضلة والأعمال الكريمة.


الصفحة التالية
Icon